فلسفة الإسلام في الرياضة … منير حرب – الأردن …

0 13٬380

العالم الآن – من جماليات دين الإسلام أنه دين الشمولية، ومن دلائل شموليته أنه اهتم بالإنسان روحا وبدنا، فوفر للروح حاجتها وأسباب سعادتها، وفي ذات الوقت لم يهمل البدن وعوامل قوامه وقوته.. فدعا للاهتمام به، والأخذ بأسباب قوته وأسس بنائه.. ومن مشهور كلام النبي صلى الله عليه وسلم: [المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير](رواه مسلم). وقال أيضا: [وإن لجسدك عليك حقا](رواه مسلم وغيره).

ومن هنا يأتي دور الرياضة كوسيلة فعالة لتقوية الجسم وتقويمه، فهي بهذا مطلب شرعي، لا كما يظن البعض أنها من الأمور التي يجب على المسلم الابتعاد عنها باعتبارها لهوا يشغل عن العبادة والذكر، ويقلل من درجة الهيبة والاحترام بين الناس.. وهذا لا شك فهم خاطئ لمعنى الدين الشامل الذي جاء ليصوغ المسلم جسديا وعقليا وروحيا واجتماعيا وأخلاقيا…

إن الرياضة ـ بلا شك ـ من أسباب بناء الجسم وتقويته، وهي تعينه على تأدية وظائفه، وتنظم دورته الدموية، وتحسن عمل المخ والقلب، وتقوي العضلات وتمنع ترهلها، وتزيد مرونة المفاصل، وتكسب المرء النشاط والحيوية.. كما وأن الطاقة المبذولة فيها تزيل الشحوم والدهون، فتنقي البدن من الشوائب والسموم، وتمنع الأمراض وتحارب السمنة.
والرياضة باب لملء الفراغ في النافع المفيد، فلا يستغل في الانحلال والفساد،كما أنها علاج للاضطرابات النفسية والقلق والتوتر خصوصا عند الشباب.

وعلى الجانب الأخلاقي.. فهي تنمي أخلاق الفرد وتحسن من علاقاته ومعاملاته مع الآخرين، وتربيه على أخلاقيات الفرسان كالقوة والفتوة واحترام المنافس، وتنمي فيه روح التعاون والمنافسة الشريف الهادفة بين الأفراد والجماعات.
وإذا أدركنا أن التكاليف الشرعية تنتظر المسلم وجوبا بمجرد بلوغه، وأنها تحتاج إلى بدن سليم وبنية قوية، كما هو الحال في الصلاة والصيام والحج والجهاد. وإذا انتبهنا كذلك إلى أن أمة الإسلام أمة فتية، وظيفتها عبادة الله، ومهمتها تعبيد الناس لله تعالى، وسيادة العالم وقيادته بهذا الدين.. وأن أمة هذا شأنها يلزمها أن تكون أمة قوية معدة إعدادًا يتناسب مع هذه المهام الجسام.. كما أمر الله المؤمنين بقوله: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل}(الأنفال: )، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي..فقال: [ألا إنما القوة الرمي].. علمنا أهميتها في حياة الإنسان، ودورها في حياة المسلم.
تجمع المصادر الطبية الحديثة الآن على أن إجراء تمارين رياضية، كالمشي السريع، أو الجري، أو ركوب الدراجة، أو السباحة لمدة 20-30 دقيقة يومياً أو ثلاث إلى أربع مرات في الأسبوع على الأقل يفيد في الوقاية من الذبحة الصدرية وجلطة القلب.

فقد نشرت المجلة الطبية البريطانية حديثاً مقالاً رئيساً ذكرت فيه كاتبة المقال أن ممارسة الرياضة البدنية تفيد القلب من خمسة وجوه.

الأول : تخفض الكوليسترول الضار والمسؤول عن تصلب الشرايين وتضيقها، وترفع من مستوى الكوليسترول المفيد والذي يكنس ما ترسب في الشرايين من دهون.

وتبين للباحثين أن أفضل دواء لرفع هذا النوع المفيد من الكوليسترول هو الرياضة البدنية، وكلما ارتفع مستواه في الدم قل احتمال الإصابة بتضيق الشرايين والذبحة الصدرية.

الثاني : تنقص الوزن، وتحافظ على لياقة الجسم.

الثالث : تساعد الرياضة البدنية في خفض ضغط الدم الشرياني عند المصابين بارتفاع الضغط. فممارسة الرياضة بانتظام تخفض ضغط الدم بضع مليمترات. فإذا ما تظافر إنقاص الوزن مع الرياضة البدنية المنتظمة، فقد يلغي ذلك حاجة المريض المصاب بارتفاع ضغط خفيف للدواء. ( ولكن ينبغي أن يتم ذلك تحت إشراف الطبيب )

الرابع : الرياضة البدنية تساعد في الإقلاع عن التدخين.

فهي تمد البدن بالقوة والنشاط، وتقلل من اعتياد الإنسان على التدخين.

وحين تشتهي سيجارة، انطلق خارج البيت، وتنسم الهواء العليل ولو لدقائق معدودات.

الخامس : تقلل من تخثر الدم ( تجلط الدم ) مما يقلل من احتمال حدوث جلطات في الشرايين.

وقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على الرياضة البدنية، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسابق أصحابه، ويسابق عائشة – رضي الله عنها – وكان يعلم أصحابه الرماية، ويحثهم على ركوب الخيل.

وقد ورد عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه :

” علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل “.

وعن جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

” كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب، إلا أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه، ومشي الرجل بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة”.

ومن أنواع الرياضة قيام الليل، فهو عبادة لله ورياضة للجسد.

فعن سلمان – رضي الله عنه – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين من قبلكم، وهو مطـردة للداء عن الجسد ).

والرياضة أنواع مختلفة، وقد عرف فوائدها الأقدمون وحث عليها من كتب في الطب النبوي. يقول ابن القيم : ” أما ركوب الخيل، ورمي النشاب، والصرع، والمسابقة على الأقدام فرياضة للبدن كله، وهي قالعة لأمراض مزمنة “.

وليس من الضروري إجراء ذلك النشاط البدني يومياً. فقد وجد الباحثون أن ممارسة نوع من أنواع الرياضة كالمشي السريع أو الجري أو السباحة.. أو غيرها خمس مرات في الأسبوع تكفي لتحقيق الغرض المطلوب، شريطة الاستمرار في ذلك النشاط.

وهناك قاعدة ذهبية، وهى: ألا يتجاوز الشخص أبداً قوة احتماله الطبيعية، بحيث تكون زيادة الجهد تدريجية وأكيدة في الوقت نفسه منعاً لحدوث أوجاع وآلام عضلية تفسد متعة الرياضة. والأمر الأسوأ هو أن الإفراط في التدريب والرياضة ضار بالصحة، شأنه شأن كل الأمور الأخرى.

ولهذا فإن الاعتدال هو الضمان، وخاصة بالنسبة للذين تجاوزوا الأربعين، أو الذين ينقصهم الإعداد أو التدريب اللازم.

وهذا لا يعني أن يمتنع الأشخاص الأكبرسناً عن النشاط البدني، بل العكس هو الصحيح. فهذا النشاط مفيد لكل الأعمار، بل ربما تزداد فائدته مع تقدم السن. فالمشي يؤخر فقدان العظام للمعادن، ويقلل من التعرض للكسور التي يكثر حدوثها عند المسنين.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد