الاتوبوريون الاردنيون ومشروع تفكيك الدولة الوطنية.- أيمن الخطيب – الأردن

0 648

العالم الآن – بدايةً بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 91 طرحت الولايات المتحدة في مجلس الشيوخ الامريكي وفي دائرة مغلقة سؤالين هاميَن :
من هو العدو القادم ولمن ستكون المائة عام القادمة؟
وقد مثّل هذان السؤالان المشروع الامريكي للهمينة ما عرف انذاك بمشروع القرن الامريكي
وقد جاءت الاجابة على السؤالين على هذا النحو:
” لا يمكن ان يكون العدو القادم بعد السوفييت عدوا حقيقيا بل عدوا وهميا يمكن إدارته وتوجيه حركته”
لذلك ابتعدت واشنطن عن اي صدام مع الصين والهند
وخلقت عدوا وهميا تمثل في قوى الاسلام الحركي بشقيه الجهادي والسياسي الذي كان حليفا لامريكا في افغانستان
وتم اطلاق كافة الامدادات لهم مقابل عداء وهمي تفجر في احداث ١١ سبتمر عام ٢٠٠١.
– اما فيما يخص سؤال لمن ستكون المائة عام القادمة فالجواب كان على لسان برنارد لويس الذي طرح نظرية
مشروع القرن الامريكي.

عودة للأتوبورية كحركة مدنية حملت شعار الكفاح الغير مسلح والتغيير الناعم ورفعت شعار اليد المقبوضة والتي بدأت في بلغراد صربيا وقادها ” سيرجيو بوبوفيتش ” ضد رئيس صربيا الشيوعي” ميلوزفيتش ” والتي نجحت في تأجيج واستقطاب الشباب الصربي ضد حكم صربيا الاشتراكي ثم نجحت في إسقاط حكم ميلوزفيتش وبعد نجاح الحركة الاتوبورية في صربيا تم احتضانها من قبل الولايات المتحدة عن طريق جين شارب وتحولت الى معهد كانفاس / مركز لداراسات التغيير بدون عنف .
ويذكر أن جين شارب مؤلف كتاب تأجيج الكفاح غير العنيف منهج القرن العشرين واحتمالات القرن الواحد والعشرين يعد الاب الروحي لكل الاتوبوريين.
استثمرت الولايات المتحدة هذه المنظمة بعد نجاحها بتمويل مقدم من منظمة freedomhouse وبدأت أعمالها خارج صربيا ،
حيث يقول مؤسس الحركة بوبوفيتش أننا قمنا بتدريب نشطاء سياسيين شباب من أكثر من ٣٧ دولة بما فيهم حركة ٦ ابريل في مصر و ٢٠ فبراير في المغرب وفي سورية .
وفي عام ٢٠٠٣ قال بوش الابن أن غزو العراق مقدمة لتغيير اوسع سيطرأ على المنطقة برمتها اجتماعيا وسياسيا وبدأ التمهيد لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي اعتمد على قاعدة اثارة الشعوب ضد دولهم في كل من تونس ومصر وليبيا وسورية والاردن.

الاتوبوريون الاردنيون،
لم يكن الأردن بمعزل عن غليان الاقليم ولم يسلم من ارتدادات الثورات في محيطه الاقليمي الجغرافي والسياسي والتحولات التي حدثت فيه .
بل أن الاردن شهد حراكا مدنيا ضد الدولة الاردنية وحكوماتها امتد منذ عام ٢٠١١ الى اليوم وبدرجات متفاوتة.
الخصوصية الجغرافية والسياسية والأمنية الأردنية حالت دون حدوث سيناريوهات الدول الأخرى
لكن مشروع تفكيك الدولة الأردنية بقي فاعل ويشتغل بصورة ناعمة وتمثل في صعود فريق الليبرال الجديد واذرعه من نشطاء حقوقين وسياسيين وشباب السوشيال ميديا الذين تقودهم من الخلف مؤسسات الأن جي أوز
ومنظمات التمويل وعلى رأسهم مؤسسة راند الامريكية.

بعد حراك ٢٠١١ فرز الشارع الأردني تيارات سياسية متعددة غالبها كان دون برنامج سياسي اجتماعي إصلاحي ونظرا للتحول في شكل الدولة الإداري والتغير في حوامله الاجتماعية والسياسية والميول نحو الخصخصة كان للاتوبوريين الاردنيين من انصار الدولة المدنية المرتبطة بمراكز التمويل وبعض نشطاء وتجار ومقاولي السفارات الفرصة الاكبر في استلام مؤسسات الدولة ،
تمثل ذلك في استلام الحكومة الحالية مهامها بعد حراك ١٨ ايار عام ٢٠١٨ الذي قادته الجهات الامنية بالتعاون مع مؤسسات التمويل الاجنبي.

مهمة الاتوبوريين هو في احداث تغيير جوهري في البنى الاجتماعية أولا ثم السياسية والاقتصادية بشكل سلمي ظاهريا لكنه عنيف في الجوهر
هذا التغير الذي يؤسس يشكل طبيعي لتفكيك ناعم وممنهج للدولة الأردنية وربطها بمشاريع اقليمية وبمراكز قوى وشركات متعددة الجنسيات.
فمن يقرأ المشهد الاردني خلال عقد واحد من الآن يستطيع أن يلمس حجم التغيرات الهائلة ليس اولها تغيرا في القواعد الاجتماعية من خلال انتاج هويات بديلة مائعة للهوية الوطنية الأردنية مرورا بإجراءات وحزم اقتصادية وسياسية تزيد من الضغط وارتهان الدولة لصندوق النقد الدولي ولن يكون آخرها هو التغيير في البناء الاداري لمؤسسات الدولة من تغيير أسماء وزارات ومؤسسات لتنسجم مع المشروع القادم.

…..

أيمن الخطيب.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد