بلاد “ما وراء النهر”… وعلاقات تاريخية مع الدول العربية

0 233

كتبت – فاطمة بدوى

اكد تقرير صحفى لسفارة الاوزبكية بالقاهرة انهم يحتفلون بمرور أكثر من ربع قرن على افتتاح أول سفارة مصرية فى العاصمة الأوزبكية بعد استقلال هذه الدولة الحديثة عقب تفكك الاتحاد السوفيتى السابق، والتى كانت واحدة من مكوناته، حيث كانت مصر أول دولة عربية تعترف باستقلال أوزبكستان فى 1991/12/26، وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من خلال التوقيع على البيان المشترك فى هذا الشأن فى 1992/1/23، بينما افتتحت أوزبكستان سفارتها فى القاهرة عام 1995.

وتابع التقرير: “أوزبكستان نالت شهرة كبيرة لدى العرب منذ القدم باسم بلاد “ما وراء النهر”، كما يرتبط شعبها بشعوب الدول العربية وفى مقدمتها مصر بعديد من الأواصر التاريخية والثقافية والدينية، ولا تزال القاهرة تحتفظ ببعض مآثر علماء وأعلام من أوزبكستان، وهناك عديد من الشواهد والآثار التى توضح عمق العلاقات التاريخية بين البلدين مثل “مقياس النيل” فى القاهرة الذى أنشأه أحمد الفرغانى، وكذلك جامع “ابن طولون”، وهو من أكبر جوامع مصر من حيث المساحة، وحديقة الأوزبكية التى أنشأها سيف الدين أوزبك اليوسفى.

ولفت التقرير إلى أن هذه الدولة حديثة الاستقلال تملك تجربة متميزة فى الإصلاح الاقتصادى والتنمية وضع أسسها أول رئيس لها إسلام كريموف، وتابع السير عليها الرئيس الحالى شوكت ميرضيائيف الذى تم انتخابه فى ديسمبر عام 2016، وكان من قبل رئيسًا للوزراء.

مسيرة العلاقات المصرية الأوزبكية

طبقًا للتقرير فإن نقطة الانطلاق الحقيقية للعلاقات بين مصر وأوزبكستان كانت الزيارة التى قام بها الرئيس إسلام كريموف رئيس أوزبكستان إلى القاهرة فى ديسمبر عام 1992 على رأس وفد حكومى كبير، حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات، منها اتفاقية “أسس العلاقات والتعاون بين مصر وأوزبكستان”، واتفاقية التعاون الاقتصادى والعلمى والفنى، واتفاقية النقل الجوى، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات.

وزار الرئيس كريموف مصر للمرة الثانية فى الفترة من 17 إلى 19 أبريل 2007، وتناولت المباحثات الثنائية القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أكد الطرفان دعمهما للجهود الرامية إلى تجنب صدام الحضارات والثقافات، وأعربا عن أهمية إحلال مبادئ الاحترام المتبادل للأديان والخصوصيات الثقافية للأطراف كافة، وأبدى الطرفان استعدادهما للتعاون الوثيق فى إطار منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامى لتنسيق الجهود والمواقف.

وفى سبتمبر عام 1993، تم التوقيع على بروتوكول التعاون فى مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف، وفى مايو عام 1995 تم التوقيع على اتفاقية التعاون فى مجال التعليم بين وزارتى التعليم فى كلٍ من البلدين، واتفاقية بين وزارة تعليم أوزبكستان، وجامعة الأزهر، واتفاق بشأن التعاون العلمى بين جامعتى طشقند والقاهرة، وفى أكتوبر عام 1995 وقع الطرفان على اتفاقية بشأن التعاون السياحى، وفى يونيو عام 1996 على اتفاق بشأن التعاون فى مجال الزراعة.

وتم إنشاء اللجنة الأوزبكية المصرية المشتركة برئاسة وزيرى الاقتصاد فى كل من البلدين التى عقدت أول دورة لها فى طشقند فى يونيو عام 1996، وقد أقيم خلال انعقادها معرض للمنتجات المصرية شاركت فيه 62 شركة مصرية، وتنعقد اللجنة مرة كل سنتين فى طشقند والقاهرة بالتناوب.

ووفقًا لهذه الاتفاقيات، قدم الصندوق المصرى للتعاون مع دول الكومنولث التابع لوزارة الخارجية المصرية عديدًا من المِنَح التدريبية المتخصصة لأوزبكستان فى مجالات نقل الخبرة والتدريب فى المراكز والمعاهد العلمية المصرية، وشملت أكاديمية الشرطة، والمعهد المصرفى، ومعهد الدراسات الدبلوماسية، والجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، ومركز المعلومات، واتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء المصرى، والهيئة العامة لتنشيط السياحة، والمعهد القومى للنقل، والمركز الدولى للزراعة، ومعهد الدراسات الإستراتيجية، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، والمركز الدولى للتدريب والاستشارات، وهيئة كهرباء مصر ومعهد التبّين للدراسات المعدنية.وفى عام 2014 أعيد تأسـيس جمعية “الصداقة المصرية الأوزبكية”، كما تم تشكيل جمعية مماثلة فى الإسكندرية.

أبرز المعاهدات والاتفاقيات

وقع البلدان عام 1992 على بيان مشترك لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وفى العام ذاته، تم توقيع اتفاقية تعاون اقتصادى وعلمى وفنى، واتفاقية النقل الجوى، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات، واتفاقية التبادل التجارى.

وشهد عام 1992 أيضًا، توقيع وزارة الصناعات الغذائية الأوزبكستانية وشركة السكر والصناعات التكميلية المصرية على اتفاقية تعاون، والتوقيع على 4 اتفاقيات للتعاون بين “معهد طشقند” للدراسات الشرقية، وجامعات “القاهرة، والزقازيق، وأسيوط”، ومركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة، وتوقيع برنامج تنفيذى لاتفاقية التعاون العلمى والثقافى الموقعة بين “معهد طشقند” وجامعة الأزهر، وتوقيع اتفاقية تبادل افتتاح المراكز الثقافية والتعليمية.

وفى عام 1993 تم توقيع مذكرة تعاون فى مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف، بينما شهد عام 1995 توقيع اتفاقية للتعاون السياحى، واتفاقية للتعاون فى مجال التعليم بين وزارتى التعليم فى البلدين، وتعاون الأزهر مع وزارة التعليم الأوزباكستانية.وفى عام 1996، تم التوقيع على اتفاق للتعاون فى المجال الزراعى.. وفى 2007 تم افتتاح خط جوى مباشر من شركة الخطوط الجوية الأوزبكستانية إلى القاهرة.

العلاقات الثقافية

أكد التقريرأن مركز التعليم والعلوم المصرى يعمل منذ عام 1993 فى طشقند، حيث ينظم دورات دائمة لتعليم اللغة العربية، ويقوم بنشاطات ثقافية متنوعة، وتقدم مصر نحو 20 منحة دراسية للطلاب الأوزبكستانيين لدراسة اللغة العربية بالجامعات المصرية، و20 منحة دراسية للحصول على درجتى الليسانس والبكالوريوس، كما يوجد مركز ثقافى مصرى بطشقند يدرس به نحو 2000 طالب اللغة العربية عن طريق مجموعة من الخبراء المصريين.

وشاركت مصر فى عديدٍ من الأنشطة والأسابيع الثقافية والفعاليات الثقافية مثل “مهرجان ألحان الشرق”.. ومن جانبها، تشارك أوزبكستان بصورة منتظمة فى معظم الفعاليات الثقافية المصرية “مهرجان المسرح التجريبى- مسابقة مصر فى عيون أطفال العالم- مسابقة القرآن الكريم – مهرجان الإسماعلية للأفلام التسجيلية”، كما حصل التلفزيون الأوزباكى على المسلسلات التلفزيونية المصرية التى بثتها القنوات الأوزبكستانية بعد دبلجتها للغات الأوزبكية والروسية، وسبق وأن قام المكتب الإعلامى المصرى فى طشقند نيابة عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصرى بإهداء تلفزيون أوزبكستان محطة استقبال أرضية مكنته من التقاط القناة التلفزيونية الفضائية المصرية.

وفى فبراير 2018 استضاف متحف الفن الإسلامى فى القاهرة معرضًا للصور الفوتوغرافية من أوزبكستان، فى إطار الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 25 لإقامة العلاقات الدبلوماسية.

افتتح المعرض رئيس قطاع العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة، والسفير الأوزباكستانى فى القاهرة أويبك عثمانوف تحت عنوان “تاريخ أوزبكستان وما وراء النهر عبر مدن طريق الحرير العظيم”.

وفى أغسطس 2018، صرَّح مدير “مركز الحضارة الإسلامية” فى أوزبكستان بأنه سلَّم خلال زيارته للقاهرة دعوة من الرئيس الأوزبكى شوكت ميرضيائيف إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ليزور أوزبكستان فى منتصف أكتوبر المقبل.

وفى مايو 2018، زار القاهرة وفد من ممثلى كبرى شركات السياحة فى أوزبكستان، لبحث التعاون السياحى مع مصر والإعداد لتسيير خط طيران مباشر بين البلدين خلال شهر أكتوبر المقبل.

محطات فى التجربة الأوزبكية

أفاد التقرير بأن 27 عامًا مضت على استقلال جمهورية أوزبكستان فى 31 أغسطس عام 1991 م، ودخلت البلاد مرحلة جديدة فى تاريخها، ففى عام 1992، تم إقرار الدستور الجديد للبلاد كخطوة مهمة على طريق الإصلاح، وبناء الدولة الجديدة ذات النظام الديمقراطى الذى يضمن كل الحقوق، ومنح الاستقلال العالم فرصة اكتشاف أوزبكستان التى تعد اليوم عضوًا كامل الحقوق فى منظمة الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية الأخرى.

وفى الوقت الراهن، أقامت أوزبكستان علاقات دبلوماسية مع 130 دولة فى العالم وتعمل فى عاصمتها أكثر من 50 سفارة للدول الأجنبية وكذلك عدد كبير من ممثلات الهيئات الدولية.

وفى عام 1992 أعلن الرئيس الأول إسلام كريموف 5 أسس للاستراتيجية طويلة الأمد لتطور جمهورية أوزبكستان فى المجالات كافة، وحققت البلاد نجاحات هائلة فى تطورها الاقتصادى، وأخذت قاعدة النموذج الوطنى للإصلاح والتنمية فى الاعتبار الجوانب الاجتماعية – الاقتصادية لأوزبكستان وتاريخ الدولة، والقيم القومية والخبرات الدولية، حيث ترتكز إلى 5 مبادئ جوهرية للانتقال إلى اقتصاد السوق الحر ذات التوجه الاجتماعى.

ينص المبدأ الأول على أولوية الاقتصاد عن السياسة، والتى تعنى أن الإصلاحات الاقتصادية ينبغى أن تتحرر من جميع المسلمات الجامدة والاستراتيجيات، ولا ينبغى أن تخضع لأى من الأيديولوجيات، وينص المبدأ الثانى على أن الدولة هى القائم الرئيس على الإصلاح، وعليها تحديد الأولويات الحيوية، واتجاهات الإصلاح ومراحله، ووضع البرامج الحكومية للتنمية وتجسيدها بالتالى على أرض الواقع.

وينص المبدأ الثالث على سيادة القانون فى مجالات الحياة كافة فى المجتمع، حيث ينبغى على الجميع دون استثناء، الالتزام بالدستور والقوانين التى يتم تطبيقها بالوسائل الديمقراطية.

وينص المبدأ الرابع على انتهاج السياسة الاجتماعية القوية مع تطبيق علاقات السوق فى الوقت ذاته، فمن الضرورى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحماية الاجتماعية المؤكدة للسكان، وخصوصًا الفئات محدودة الدخل والأسر متعددة الأطفال، وذوى الدخول المحدودة، فيما ينص المبدأ الخامس على أن يتحقق التحول إلى اقتصاد السوق من مرحلة لأخرى عبر الطريق التدريجى المدروس، مع الأخذ فى الاعتبار الأوضاع الاقتصادية القائمة.

وبفضل تحقيق أوزبكستان لنموذجها الخاص فى التحديث والنهضة للمجتمع، والذى حصل على اسم “النموذج الأوزبكى” للتنمية، وبالتحقيق المتواصل للإصلاحات الواسعة فى المجالات والقطاعات عبر سنوات الاستقلال، فقد تم التغيير الجذرى لهيكل الاقتصاد، وتم خلق القاعدة الواعدة لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام.

وخلال فترة تاريخية قصيرة من الزمن، ارتفع النمو الاقتصادى فى البلاد 5 أضعاف، كما تضاعف متوسط نصيب الفرد من الناتج القومى الإجمالى عبر تلك الفترة 4 مرات، وكذلك من حيث القوة الشرائية، وهو اليوم يبلغ حوالى 7 آلاف دولار، وذلك رغم ارتفاع عدد السكان فى البلاد إلى نحو 32 مليون نسمة.

وبدءًا من عام 2005، حققت الموازنة الحكومية فائضًا يسمح لها بالمساهمة فى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلى.

وتعد أوزبكستان الآن بلدًا ذا اقتصاد متنوع يشمل صناعة السيارات، وإنتاج النسيج، والإنتاج الزراعى، وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من المجالات الأخرى، كما أن الإمكانات السياحية الثرية والتراث الثقافى النادر لأوزبكستان يمهدان الطريق نحو تطوير قطاع السياحة، فعلى أراضى أوزبكستان يوجد أكثر من 7 آلاف من الآثار التاريخية المعمارية حيث تتركز أشهرها فى مدن “سمرقند، وبخارى، وخيوى، وشهريسبز، وطشقند، وخوقند” وغيرها من المدن العريقة.

مقالات ذات الصلة

اترك رد