حضور متنوع للسينما العربية في مهرجان تورنتو الدولي

0 272

العالم الآن – في السنوات الأخيرة، أخذت السينما العربية تحظى بحضور أقوى في المهرجانات الدولية حول العالم، حيث باتت الفعاليات الفنية السينمائية تقريباً لا تخلو من مشاركة عربية في مسابقة أو أخرى.

وسيكون صناع السينما العرب على موعد مع سباق جديد في مهرجان تورنتو السينمائي في كندا، الذي تنطلق فعالياته في الفترة ما بين 5 و15 سبتمبر (أيلول) المقبل. وهناك حضور عربي بارز يتمثل في 14 عملاً ضمن القائمة الرسمية للمهرجان، تتوزع ضمن فئات مختلفة، منها الوثائقي، والطويل والقصير، ومنها تجارب لمخرجين لهم باع طويل في المهنة وفي المهرجانات، ولآخرين ما زالوا يتلمسون طريقهم. ولعل أكثر ما يميز المشاركة العربية هذه السنة أن هناك حضوراً لدول عربية مثل السودان والسعودية.

نقدم لكم فيما يلي قائمة الأفلام العربية المتنافسة، التي نتمنى ألا تقتصر حظوظها على “شرف المشاركة” فقط.

بإمكانكم الاطلاع على الكوادر الفنية للأعمال وتواريخ عرضها في المهرجان من خلال تصفح معرض الصور المرفقة.
1- “143 شارع صحارى” للمخرج حسن فرحاني

يُعد الفيلم الوثائقي الهادئ للمخرج حسن فرحاني حول مقهى قَصي في الصحراء صورة حميمة لصاحبة المقهى وضيوفه، وكذلك انعكاساً للمناظر الطبيعية الخلابة، وللجزائر بالعموم.

تغطي الصحراء أكثر من أربعة أخماس الجزائر. وفي بقعة نائية من تلك الصحراء الشاسعة تعيش “مليكة” بمفردها، وتدير مقهى خاصاً بها، يحتوي على طاولة واحدة ويقدم قائمة طعام تشتمل على البيض المقلي والشاي فقط. موقع “مليكة”، الذي يبدو قزماً بين الرمال التي تمتد إلى الأفق وتكتنفه الرياح القاسية، له وضع غريب، وهو وحيد بلا أدنى شك.

مقهى “مليكة” النائي هو محطة للاستراحة ترحب بمسافرين متنوعين، الذين لا يأتون لتناول الطعام فقط، بل لتبادل قصصهم. (من أهم العناصر الأخرى في المقهى هي ميمي قطة مليكة المحببة).

تتداخل الحكايات عن الدين، والاقتصاد، والسياسة، والأسرة، وتستمع إليها ملكية بكل رحابة صدر. وحينما تحلّ لحظة الفراق التي لا بدّ منها ويغادر الضيوف، هناك شعور بأن المقهى قد اتسع كي يحتضن ذكرياتهم. لكن مملكة مليكة ليست محصنة ضد ما يسمى المسيرة التقدمية: إذ سيتم بناء محطة للبنزين في الجوار.

يصور فرحاني فضاء المقهى بتأنٍ وصبر متآلفين مع عالم مليكة، وبدرجة من الحميمة تثير الإحساس وكأننا نجلس بجانب تلك السيدة “الأمومية” نفسها.

2- “1982” للمخرج وليد مؤنس

في يونيو (حزيران) عام 1982، غزت إسرائيل لبنان، الذي كان يعاني للتو من حرب أهلية مستمرة. في هذا الفيلم يعيد المخرج وليد مؤنس تسليط الضوء على هذه اللحظة الكارثية في التاريخ اللبناني من خلال زاوية مختلفة. في مدرسة خاصة على مشارف بيروت، وبينما يحتدم الصراع الجيوسياسي أكثر فأكثر، يعتزم وسام (الممثل محمد دللي)، البالغ من العمر 11 عاماً، التحلي بالشجاعة اللازمة كي يخبر زميلته في الصف أنها يحبها. بينما يحاول أساتذته، الذين ينتمون إلى خلفيات سياسية مختلفة، إخفاء مخاوفهم.

بالنسبة إلى طفل حالم مثل وسام، الذي نراه ميالاً إلى الرسم أكثر من لعبة كرة القدم، من الصعب جداً أن يفهم خطورة العنف الوشيك. لكن بالنسبة إلى معلّميه، ياسمين (لعبت دورها النجمة والمخرجة نادين لبكي)، وجوزيف (الممثل رودريغ سليمان)، فإن اختراق الطائرات للسماء يعني شيئاً أكبر.

بينما يحاول المعلمون إخفاء مخاوفهم المتزايدة من أجل طلابهم، يسعون أيضاً إلى إخفاء علاقاتهم المهشمة، بسبب وجودهم على جوانب مختلفة من الانقسام السياسي. يقسم مؤنس، الذي كتب السيناريو أيضاً، الفيلم بين هذين المنظورين، وجهة نظر البالغين ووجهة نظر الأطفال، لاستكشاف تعقيدات الحب والحرب.

3- “آدم” للمخرجة مريم توزاني

حياة امرأتين ضعيفتين في الدار البيضاء، الأولى حبلى ومشردة ومنبوذة (الممثلة نسرين الراضي)، والثانية أرملة بائسة (الممثلة لبنى أزبال)، تتداخل وتتحول في هذه التجربة للمخرجة السينمائية الشهيرة مريم توزاني.

يبتدئ فيلم “آدم” مع سامية (النجمة المغربية نسرين الراضي)، المرأة الحبلى التي تعيش في الشوارع. وأثناء تنقلها من باب إلى آخر لطلب العمل، تصادف عبلة (الفنانة لبنى أزبال)، التي باتت تعيش في سوداوية تامة بعد وفاة زوجها على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها ابنتها الصغيرة وردة (الممثلة دعاء بلخودة).

عندما تفتح عبلة باب بيتها لـ(سامية)، التي جعلتها “حالتها كحبلى” منبوذة اجتماعياً في بلد يكافح فيه الأطفال غير الشرعيين من أجل حقوقهم، يبدو أنها السيدة الكريمة. بينما يتكشف فيلم توزاني بهدوء، يتضح أن العلاقة متبادلة بعمق. لا تحمل سامية بداخلها حياة جديدة فحسب، بل تُبيِّن لعبلة كيف يمكنها أن تعيش الحياة. على أية حال، فإن الاستقرار الذي حصلت عليها السيدتان من خلال إيجاد تناغم بينهما كان مؤقتاً. مع تقدم سامية في حملها، اضطرت إلى أن تقرر ما إذا كانت ستحتفظ بالرضيع أم ستتخلى عنه للتبني.

تكمن قوة العمل في الطريقة التي يتصاعد بها بكل صبر دون اللجوء إلى الصور المستهلكة لخلق حالة من الحب العائلي والدعم بين النساء.

4- “أريكة في تونس” للمخرجة منال لعبيدي

بعد سنوات قضتها في الخارج، تعود امرأة (الممثلة غولشيفته فرحاني) إلى تونس حاملة معها حلم افتتاح مركز خاص بها للعلاج النفسي، في هذا الفيلم الساحر للمخرجة منال لعبيدي.
فبعد أن أمضت سلمى عشر سنوات في باريس عادت إلى تونس. وفي وطنها الأم، لا يستطيع ابن عمها أن يفهم السبب الذي جعلها تترك العاصمة الفرنسية، بينما لا يمنحها عمها سوى أسابيع حتى يقتحم الشقة الكائنة فوق منزلها. ومع ذلك، فإن سلمى متشبثة بما هي مصممة عليه: إنها تريد فتح عيادة للعلاج النفسي. هكذا يبدأ هذا الفيلم الذي كتبته وأخرجته منال لعبيدي، الذي يجسد كوميديا جارحة حول الرجوع إلى حضن الوطن، وكسر المحظورات، وبناء المجتمع.

وبينما تحاول سلمى الاستقرار، تواجهها تعقيدات متزايدة لا يمكنها أن تتنبأ بها، ولا حتى مرشدها سيغموند فرويد يقدر على توقعها! لا تقتصر المسألة فقط على البحث عن مرضى مهتمين بالعلاج النفسي في محيط سكنهم، لكنهم غير مؤمنين كثيراً بالعلاج بالحوار، لكنها تحتاج أيضاً إلى تجاوز إجراءات بيروقراطية أشبه بحلبة سيرك كي تحصل على الأوراق اللازمة لعيادتها. بالإضافة إلى كل ذلك، يبقيها الشرطي نعيم (الممثل مجد مستورة) تحت ناظريه على الدوام.

5- “بعِلْم الوصول” للمخرج هشام صقر

نتابع أمّاً شابة، تصارع مع الأمومة، وتحاول التكيف مع الحياة مع زوج مسجون، وصحتها العقلية غير المستقرة، في فيلم المخرج هشام صقر.

في قلب العاصمة المصرية الصاخبة، بالكاد تستطيع هالة (الممثلة بسمة) التأقلم. تتدافع الحياة بشكل متواصل خارج باب منزلها، لكنها محاصرة داخل عقلها. إنها تصارع ضغوط كونها أماً حديثة العهد، ولا تزال حزينة على وفاة والدها، وتكافح الأفكار السوداوية. يفتتح الفيلم هنا، منغمساً في عالم هالة المنعزل وهي تحاول التواصل مع طفلها، مع زوجها، وفي نهاية المطاف، مع نفسها.

تغرق حياة هالة في مزيد من الفوضى عندما يقع زوجها المحب في شباك كابوس بيروقراطي. ومن دون الشخص الذي تستند إليه، أجبرت هالة على شق طريقها في العالم بمفردها بينما تحاول إخراجه من السجن. تستمر الضغوط في التصاعد، حيث يجب عليها تحمل عبء ليست متأكدة من قدرتها على تحمله؛ حتى أن علامات التوتر باتت تظهر على أقرب صداقاتها. ولكن في يوم من الأيام، تجد رسالة غامضة، تمنحها منظوراً جديداً للأفكار المتصارعة في عقلها.

6- “إبراهيم: إلى قدر غير مسمى” للمخرجة لينا العبد

في هذا الفيلم الوثائقي الاستفزازي والشخصي، تقتفي المخرجة لينا العبد آثار والدها المختفي: رجل فلسطيني يبدو في الظاهر أنه كان شخصاً بسيطاً وتشكل أسرته عالمه بالكامل، لكنه في الحقيقة كان عضواً سرياً في فصيل ثوري منشق واختفى عندما كانت لينا طفلة.

كان إبراهيم العبد يبدو رجلاً عادياً من عائلة فلسطينية لديه وظيفة عادية، ويعيش في دمشق. لكنه كان أيضاً (رشيد)، وهو عضو سري في جماعة أبو نضال، وهي فصيل فلسطيني منشق. اختفى إبراهيم في عام 1987، تاركاً وراءه زوجة وخمسة أطفال، أحدهم: لينا، مؤلفة هذا الفيلم الوثائقي الرائع.

إن وثائقي “إبراهيم: إلى قدر غير مسمى” هو في آن واحد قصة بوليسية حميمية للغاية ورسالة مفتوحة إلى الأب الذي اختفى عندما كانت المخرجة في السادسة من عمرها. تتبع لينا خطى والدها من خلال سفرها إلى مدن مثل الإسكندرية وعمان وبرلين، وتزور أقاربها في محاولة لكشف أسرار العائلة المدفونة منذ فترة طويلة. تحاول العبد رسم خيط من الوقائع والتكهنات حول والدها وما الذي قد حدث أو لم يحدث له.

ومع تطور الفيلم، يتحول ذلك الشخص الشبحي الذي ينصبّ العمل حوله إلى رجل غير بسيط ويحمل قناعات صلبة، شخص قيل للمخرجة إنها تشبهه في مناح كثيرة. وإلى جانب بحثها هذا عن والدها المفقود، تطرح العبد سؤالاً أوسع وأصعب: ما هي قضية فلسطين التي تدفع الكثيرين إلى المخاطرة بحياتهم؟ وخلال رحلتها، التي تنتهي عند مقبرة قرية صغيرة، تجد الإجابة.

7- “لا بد أن تكون الجنة” للمخرج إيليا سليمان

في سلسلة من المقاطع الكوميدية القصيرة المظلمة التي تم تصويرها في مواقع دولية عدة، يبحث المخرج الفلسطيني إيليا سليمان في مغزى الوجود في المنفى، وعن عبثيات القومية والحياة الطبيعية والهوية.

نرى كنيسة في الناصرة لها باب لن يفتح، وباريس المهجورة، وسوبر ماركت في نيويورك يحتوي على كم من الأسلحة يوازي المنتجات الطازجة. في عمله الخامس هذا، الذي حصل على شهادة التنويه الخاصة من لجنة التحكيم في مهرجان “كان” هذا العام، يقوم إيليا سليمان، وهو شخصية شهيرة في السينما الفلسطينية، باستكشاف العالم من خلال تساؤلاتها غير المحدودة.

مرة أخرى يلعب سليمان دور البطولة في فيلمه، ويقوم شخصياً بتقصي حقائق معاني الوجود في المنفى والبحث عن وطن. يفتتح العمل في مسقط رأسه في فلسطين قبل انتقاله إلى باريس ثم نيويورك. ويحاول تجسيد تجربة الغربة الدائمة، ويقترح أن حالة “الطبيعية” هي ظرفية للغاية. ويشير أيضاً إلى كيف أن التحيزات في العالم الحقيقي حاضرة على قدم المساواة في عالم السينما، حيث نتابع سعي سليمان للحصول على تمويل لفيلمه هذا.

8- “ابن عمي الإنجليزي” للمخرج كريم الصياد

هذا الفيلم الوثائقي المشغول بعناية فائقة من المخرج كريم الصياد، يتابع ابن عم المخرج “فهد”، الذي غادر الجزائر إلى إنجلترا في عام 2001، والآن يفكر في العودة إلى مسقط رأسه.

في بدايات الألفية غادر فهد الجزائر وحاول الاستقرار من كل النواحي. وبعد قرابة عقدين من الزمن، وعقب زواجه، وعمله في وظيفتين في آن معاً كي يتمكن من سداد الفواتير، والتقاطه اللكنة المميزة لشمال إنجلترا، يقرر فهد أنه يريد العودة إلى مكان ولادته. لكن رغم أن عنوانه في الجزائر لم يتغير، لكن مفهوم الوطن، كما سيكتشف قريباً، فهو عائم أكثر. فهد عالق بين بلدين، وبين ثقافتين أيضاً: واحدة يعمل على استيعابها وواحدة يشتاق إليها بحنين، لكنه لا يستطيع في الواقع مواجهتها.

هذا الفيلم الوثائقي صوره المخرج كريم الصياد بعيون كانت حريصة على ملاحظة أدق التفاصيل. من تحضيرات فهد في شهر رمضان، وصولاً إلى جيرانه الذي يشاركهم الشقة (وتعد زجاجات الجعة جزءا لا يتجزأ من شخصياتهم)، وصولاً إلى أفراد الأسرة في الجزائر الذين يستجوبون فهد بشأن خطط زواجه. يلتقط المخرج حالة الوحدة التي تلاحق الحياة الحقيقية لابن عمه أينما يولّي وجهه.

9- “حلم نورا” للمخرجة هند بوجمعة

مع وجود زوجها الذي كان يسيء معاملتها في السجن وطلاقها المعلّق، تكاد “نورا”، التي تكافح في عملها، أن تسرق لحظات من الحياة السعيدة والجديدة مع حبيبها “الأسعد”، لكن عندما تختفي أفضل السيناريوهات من قائمة خياراتها، يتوجب على “نورا” استخدام إرادتها الثابتة من أجل تحقيق حلمها.

الحياة الجديدة لنورا (النجمة التونسية الشهيرة هند صبري) باتت في متناول اليد. منذ سجن زوجها المسيئ، اضطرت إلى العمل لساعات طويلة مضنية في مغلسة للملابس كي تطعم أطفالها. لكن النور في كل هذا الظلام كان “الأسعد”، حبها الجديد. لا تريد هي وحبيبها أكثر من مجرد البدء في بناء حياتهما معاً في العلن، لكنهما مجبران على إخفاء علاقتهما حتى تتم الموافقة على طلاق نورا. ومع أربعة أيام فقط تفصلها عن البت النهائي في قضية طلاقها، بات حلمها قريب المنال، لكن عندما يتم إطلاق سراح زوجها مبكراً، تجد نفسها في أزمة جديدة معقدة ناجمة عن وصمة عار اجتماعية وذكورية سامة.

10- “باريس ستالينغراد” للمخرجة هند مدب

تقوم صانعة الوثائقيات المخرجة هند مدب بالتجول بكاميرتها في شوارع حي ستالينغراد في العاصمة الفرنسية، وتلتقي العديد من اللاجئين الذين يكافحون من أجل الحصول على موطن لهم هناك، في هذا الاستكشاف المفتوح للمخاطر والسعي الحثيث الذي يشكل تجربة المهاجرين.

تعد باريس من أفضل الوجهات السياحية في العالم، وكما هو معروف عنها فهي مدينة النور. لكنها أيضاً وجهة للاجئين الفارين من الفقر والاضطهاد. خلال صيف عام 2016، قامت المخرجة هند مدب والمخرج تيم نقاش المتعاون معها في الفيلم بتسليط عدساتهما على مناطق لا يراها معظم السياح، وهي مجتمع اللاجئين الذين ينامون في الشوارع في حي ستالينغراد.

لا شك في أن هناك وفرة في الأفلام الوثائقية التي تغطي موضوع الهجرة، لكن فيلم “باريس ستالينغراد” يبدو مختلفاً. فالخلفية المبهرة للمدينة الجميلة تخترق وعينا بطريقة مختلفة عن الأفلام التي يتم تصويرها في المخيمات النائية. نشهد نظاماً حكومياً يرزح تحت وطأة الضغط، ويفتقر إلى المرافق والموظفين والاستراتيجية المناسبة. يصور المخرجان تصاعد التوتر، حيث يتم استدعاء الشرطة لتطهير الشوارع وإقامة الحواجز. نسمع شهادات من مهاجرين كثر، والعديد منهم شبان من دول أفريقية محاصرة وفقيرة ومن أفغانستان. نرى بأنفسنا عزمهم وخوفهم وأملهم وقدرتهم على الصمود. أبرزهم لاجئ من دارفور يدعى سليمان الذي يقرأ الشعر كي يحافظ على معنوياته.

11- “الكهف” للمخرج فراس فياض

يعود المخرج فراس فياض (الذي أخرج فيلم آخر الرجال في حلب) إلى موطنه، سوريا المنكوبة، لمتابعة فريق متخصص من الطبيبات اللواتي يعالجن الإصابات بلا كلل في مستشفى تحت الأرض، بينما يكافحن التمييز الجنسي المنهجي.

فيلم “الكهف”، الذي تم تصويره بين عامي 2016 و2018، ينتمي إلى أفضل الأعمال التي قدمت في مجال سينما الحرب. المخرج السوري فراس فياض (المرشح لجائزة الأوسكار عن آخر الرجال في حلب) يأخذنا إلى مشهد تحت الأرض يشبه ما بعد الدمار العالمي في فيلم “ماد ماكس”. ومع الخطورة الشديدة للحياة فوق الأرض، ينشئ الناجون شبكة من الأنفاق السرية تحت مدينة الغوطة بالقرب من دمشق، للوصول إلى مستشفى تحت الأرض تديره طبيبات.

وعلى نقيض العديد من الأفلام الوثائقية السورية المصنوعات من تركيبة من مقاطع الفيديو المصورة بالهواتف المحمولة أو الكاميرات المهتزة، يهتم فياض بالتركيز على المشهد وانطباعاته التي لا تُنسى من خلال تصوير سينمائي رائع. في قلب الفيلم نجد الدكتورة أماني، شابة سورية تعمل في ظروف لا يمكن تصورها بروح مرحة وثبات. وعندما لا تكون منشغلة بالاعتناء بالمرضى، وأغلبهم من الأطفال الصغار، فإنها تضطر إلى تبرير عملها للرجال الشوفينيين الذين يصرون على أن مكان المرأة هو المنزل وعملها هو أداء الواجبات المنزلية، وليس إدارة المشافي. ما يساعد أماني على التخفيف من حالة الخوف في مكان عملها هو الروح المعنوية العالية لطاقمها، في حين أن الضربات العرضية فوق الأرض في الأماكن القريبة تعيد ذلك الخوف، مع استعراض مشاهد مروعة لمدينة تحولت إلى أنقاض.

12- “المرشحة المثالية” للمخرجة هيفاء المنصور

طبيبة سعودية في قرية صغيرة، حانقة على القيود المفروضة عليها بسبب جنسها، تقرر أن تأخذ بزمام الأمور وترشح نفسها للمجلس المحلي، في هذه الدراما العائلية للمخرجة السعودية هيفاء المنصور.

بعد أن حقق فيلمها الأول (وجدة) عام 2012 إنجازاً كبيراً لكونه أول فيلم على الإطلاق يتم تصويره بالكامل في السعودية، والأول من صنع امرأة سعودية، تعود هيفاء المنصور الآن مع “المرشحة المثالية”، وهو قصة سعي امرأة واحدة لتحدي ليس النظام فقط ولكن نفسها أيضاً.

تعمل مريم (الممثلة ميلا الزهراني) بحماس كطبيبة في عيادة بلدة صغيرة، رغم أن بعض الرجال يرفضون طلب مساعدتها بسبب جنسها. والد مريم فنان موسيقي، حافظ على روح الأمومة بعد وفاة والدتها في تربيته لبناته الثلاث. لكنه عندما يسافر في جولة فنية، لا تستطيع مريم تجديد تصريح سفرها، فحتى وقت قريب جداً لم يكن يُسمح للنساء السعوديات بالسفر دون إذن من ولي الأمر، وتتخلف بالتالي عن حضور مؤتمر طبي. مريم التي شعرت بالإحباط من هذا الموقف، بالإضافة إلى المواقف التي واجهتها في العيادة، مقتنعة بأن الوقت قد حان لتغيير الواقع بيديها: إنها ستخوض انتخابات المجلس المحلي.

هو دراما عائلية مؤثرة، حيث نرى محاولة مريم، بمساعدة أخواتها، كسب قلوب الرجال، وعقولهم بشكل رئيسي، الذين يعتقدون أنه ليس لها مكان في الشأن العام.

تستكشف المنصور القضية الملحة لحقوق المرأة من خلال نموذج مصغر لشخصية واحدة، مما يدلّ على أن التغيير قد يكون بطيئاً في المستقبل، ولكن يمكن أن يبدأ من أبسط أفعال الشجاعة.

13- “الفخ” للمخرجة ندى رياض

تتحول عطلة رومانسية لثنائي غير متزوج في منتجع ساحلي متهدم ومهجور لقضاء بعض الوقت بعيداً عن الأنظار، إلى اختبار لعلاقتهما، مع تصاعد التوتر بينهما عندما تعبّر الفتاة الشابة عن مخاوفها من مستقبلهما وتكشف عن رغبتها في إنهاء ما يربطهما.

في هذا العمل الذي شارك في الدورة الأخيرة لمهرجان كان السينمائي، تحاول المخرجة المصرية ندى رياض استكشاف القوى التي تسيطر على العلاقات وحيويتها.

14- “ستموت في العشرين” للمخرج أمجد أبو علالا

يتابع هذا العمل الجريء للمخرج السوداني أمجد أبو علالا طفلاً، تم التنبؤ بموته في سن العشرين، وهو ينتقل مع والدته في عالم يتأرجح بين بلوغ سن الرشد ومواجهة النهاية.

عندما كانت سكينة (الممثلة إسلام مبارك) تطلب المباركة في حفل تسمية ابنها، تحصل على لعنة.

يقوم شيخ متنقل بالتنبؤ بأن ابنها “مزمل” (الذي لعب دوره معتصم رشيد في طفولته، ومصطفى شحاتة في شبابه)، سيموت عندما يبلغ سن العشرين. في حكاية الموت القادم هذه، حُكم على سكينة المدمرة أن تحزن على ابنها وهو ما زال على قيد الحياة، وهو أمر لم يستطع زوجها أن يتحمله.

أما “مزمل”، الذي كبر تحت وطأة الموت الدائمة، فيزداد فضوله كي يذوق طعم الحياة بعيداً عن حماية والدته.

وبسبب تشجيع كبار السن المحليين، تستسلم سكينة التي تفرط في حماية ابنها وتسمح له بدراسة القرآن مع الأطفال الآخرين ممن في سنه. ومن خلال هذه الحرية المكتشفة حديثاً يتعرف “مزمل” على الأصدقاء والأعداء والحب والمغريات، رغم أن ما يريده بالفعل هو أن يشعر بحاضره وأن يحظى بفرصة للمستقبل.

يقدم فيلم “ستموت في العشرين” نظرة جديدة على مفهوم مرور الوقت، وكيف يصبح ثقيلاً مع توقع الخسارة والانتظار المؤلم. عندما تبدأ حياة “مزمل” وأحلامه الضبابية، التي يطاردها القدر والإيمان، يضطر إلى أن يختار بنفسه معنى لأن يكون حياً، حتى مع اقتراب الموت.
” اندبندنت”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد