تعرفوا إلى جون بيركو… ضابط البرلمان البريطاني

0 223

العالم الآن – ليس واضحاً ما سيحصل في المملكة المتحدة بشأن مسألة بريكست، بعد رفض مجلس العموم إجراء انتخابات مبكرة ومنع الحكومة من اتخاذ قرار بالخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. لكن المؤكد، منذ جلسة الاثنين، أن حدثاً واحداً يطغى على أخبار الصفعات المتكررة التي يتلقاها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، منذ نحو أسبوع. وهو استقالة رئيس المجلس منذ عام 2009 جون بيركو، وتنحيه عن منصبه في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

مناقشات بريكست

بيركو، الذي ولد عام 1963، يبدو بعد 10 سنوات من إدارته البرلمان البريطاني، في ثلاث دورات انتخابية (2009 و2015 و2017)، كأنه جاء في زمنه تماماً. وهو، إذ سيخرج منه بعد أكثر من شهر، محروماً وحده، بين زملائه الذين سبقوه إلى تولي هذا المنصب من الانتماء إلى مجلس اللوردات، يصنع مفارقة إضافية في سيرته.

على أن إغضاب رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي، الذي أفقده هذا الشرف، ليس إلا حدثاً واحداً في سلسلة خلافاته مع حزب المحافظين، الذي ترشح عبره إلى الانتخابات البرلمانية عام 2007 عن دائرة بكنغهام، وكان منتمياً إليه، ثم راح يبتعد عنه تدريجاً. لكن الرجل، المعروف بقصر قامته وتوبيخه زملاءه النواب أو الوزراء، لأسباب قد لا تبدو ذات شأن، مثل الفرق في استخدام كلمتين مترادفتين، وصراخه، الذي صار علامة فارقة، “نظام، نظام!”، بطرق لا تتوقعها، بالضرورة، من رئيس للبرلمان، لم يظهر اختلافه مع حزبه، السابق، عند بدء مناقشات بريكست فحسب، واتهامه بالتحيز واستغلاله صلاحياته لمصلحة رافضيه.

في الأساس، يفترض برئيس مجلس العموم، عند انتخابه، التخلي عن انتمائه الحزبي، وأن يكون حيادياً. وهذا ما فعله بيركو، من وجهة نظره، على الأقل. لكنه، مضيفاً إلى القانون بعضاً من شخصيته التي توصف بـ “الوقحة” أو “المتعجرفة”، تخلى في السنوات الماضية عن صورة تقليدية لرئيس المجلس أيضاً. وليس أقلها رمزية تخليه، مع موظفيه، عن الثوب التقليدي والشعر المستعار (وفي سياق آخر، يمكن الحديث كثيراً عن ربطات العنق المزركشة وكثيرة الألوان). وهو، في تبريره خطوته هذه، قال إنه يسعى إلى تقريب البرلمان من الشعب. كأن البرلمان البريطاني، المؤسس عام 1377 والأقدم عالمياً، صار بعيداً عما يفترض أن يكون عالمه.

شغف البرلمان

لكن ما يبدو رمزياً في الحالة هذه، وهو مجال خصب لدى بيركو، الذي قال زميل عنه لصحيفة “نيويورك تايمز”، عام 2003، إنه يتحدث كمن ابتلع معجماً قبل نومه، يبدو عند ابن سائق التاكسي اليهودي، الروماني الأصل، عملاً مؤسساتياً صارماً. وهذا ما بدا واضحاً في خطاب إعلانه استقالته، في قوله “سعيت إلى زيادة السلطة النسبية لهذا المجلس التشريعي. وهو أمر لا أعتذر عنه إطلاقاً”. وهو، في وصفه علاقته بالبرلمان، يقول إنه “يؤمن بشغف” به. وهذا ما تضمن زيادة الدور الرقابي للمجلس على أعمال الحكومة ووزرائها. وقد بدت أزمة بريكست مثالية لبيركو، في فرضه مراراً عمليات تصويت لمواجهة قرارات ماي، وجونسون أخيراً.
وكتب موقع شبكة بي بي سي البريطانية في مارس (آذار) الماضي، إن بيركو “يبدو كما لو أنه شخصية وُجدت خصيصاً لعصر وسائل التواصل الاجتماعي. فهو يقول كل ما يجول بخاطره، ويستخدم تعابير وجهه، ويغير نبرة صوته، وإشارات يده عند أداء مهامه. فليس مستغرباً أنه أصبح شخصية ظريفة وحديث رواد وسائل التواصل الاجتماعي”.

وهذه التصرفات، التي قد يرى بعض منتقديه أنها لا تليق بمنصبه، جعلت منه كاريكاتيراً عالمياً، أو أوروبياً على أقل تقدير. يباغت ويسخر ويضبط ويشدد، في حديثه، على كلمات من دون غيرها تبدو له معانيها ذات أهمية لا تفوّت، ويوجه إهانات “منمقة” إلى زملائه، ثم يصرخ كلما احتدم النقاش بين النواب، وهو أمر ليس قليل الحدوث في بريطانيا تحديداً، “نظام، نظام!”، بأكثر الطرق غرابة. لكن “نيويورك تايمز”، في المقال المذكور سالفاً، تقول إن بيركو وزوجته سالي إيلمان، العمالية بالمناسبة، وأولادهما الثلاثة يملكون قطاً اسمه “Order” (نظام). قد تبدو الآن، لكم، طريقة صراخه أكثر منطقية.
” اندبندنت”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد