السعودية وروسيا تتوّجان تقاربهما النفطي بتوقيع اتفاقيات

0 235

العالم الان – توجّت السعودية والرياض تقاربهما بالتوقيع رسمياً الاثنين على ميثاق التعاون بين “أوبك” والدول المنتجة خارج المنظمة، وعلى مذكرات تفاهم واتفاقيات، وذلك خلال زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حظي خلالها بحفاوة بالغة.

وجرى تبادل 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات الفضاء والثقافة والسياحة والتجارة والصحة وغيرها، بحضور بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد الأمير محمد.

ووقّع الجانبان رسمياً على “ميثاق التعاون بين الدول المنتجة للنفط”، والذي تم التوصل إليه في تموز/يوليو الماضي خلال اجتماع في فيينا. وتضخ الدول ال24 المعروفة باسم “أوبك+” نصف النفط الخام في العالم.

ولمواجهة انهيار أسعار النفط الخام عام 2016 ، اتّفقت “اوبك” بقيادة السعودية، مع مجموعة من المنتجين من خارجها بزعامة روسيا، على الحدّ من المعروض في الاسواق.

وقد وافقت هذه الدول في تموز/يوليو على أن تمدّد لتسعة أشهر اتفاقاً توصّلت اليه في كانون الأول/ديسمبر الماضي لتخفيض إجمالي إمداداتها بحجم 1,2 مليون برميل يومياً مقارنة بإنتاجها في تشرين الاول/أكتوبر 2018.

– طلقات مدفعية –

وكان الرئيس الروسي قال لدى وصوله إلى الرياض في زيارة هي الثانية له وتستمر ليوم واحد فقط إنّ بلاده مهتمة “بتطوير العلاقات” مع المملكة.

وقد حظي بوتين باستقبال حار.

فبعد وصوله إلى مطار الرياض، تم استقباله بطلقات المدفعية قبل أن ترافق موكبه مجموعة من الخيالة السعوديين الذين حملوا الأعلام الروسية وصولا إلى قصر اليمامة.

وكان في استقبال بوتين في القصر كل من العاهل السعودي وولي العهد الأمير محمد، بحسب مقاطع مصورة بثها التلفزيون السعودي.

وأجرى بوتين محادثات مع العاهل السعودي ونجله، تركزت على النفط والتطورات في المنطقة التي تشهد توترا متصاعدا بين المملكة وإيران، حليف روسيا.

وقال العاهل السعودي في بداية جلسة المحادثات السعودية- الروسية “نتطلع للعمل (..) دوما في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار والسلام ومواجهة التطرف والإرهاب وتعزيز النمو الاقتصادي”.

وكان التقارب ملفتاً خلال السنوات الأخيرة بين موسكو والرياض، حليفة الولايات المتحدة التقليدية. وزار الملك سلمان روسيا في تشرين الأول/أكتوبر 2017، في زيارة كانت الأولى من نوعها في تاريخ المملكة.

وبعد عام، حين واجه ولي العهد حملة تنديد وانتقادات إثر اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، اندفع بوتين لمصافحته أمام قادة كبرى دول العالم خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان.

وعشية زيارته، أعلن بوتين في مقابلة أجرتها معه قنوات ناطقة بالعربية بينها قناة “العربية”، وتم بثها الأحد “بالطبع، سنعمل مع المملكة العربية السعودية ومع شركائنا وأصدقائنا الآخرين في العالم العربي من أجل تحييد وتقليل محاولات زعزعة استقرار السوق (النفط) إلى الصفر”، مشيدا بعلاقاته “الطيبة مع الملك ومع الأمير ولي العهد”.

ومساء الاثنين عقدت جلسة محادثات بين الرئيس الروسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تركزت “على التعاون الثنائي”، إضافة الى ملفات اقليمية عدة “خاصة الوضع في سوريا واليمن”.

واعتبر المعلق السياسي الروسي فيدور لوكيانوف في تصريح “أنّه من المهمّ لروسيا أن يشارك بلد عربي في التسوية السياسية” الخاصة بسوريا، مضيفاً أنّ “ثلاث دول غير عربية” فقط تشارك الآن في عملية البحث عن حلّ وهي روسيا وتركيا وإيران.

– موسكو صانعة سلام –

ويرى محلّلون أن بوتين يعتمد على علاقات موسكو الجيدة مع الدول العربية من جهة، وعلى علاقات وثيقة من جهة أخرى مع إيران، خصم السعودية في المنطقة، ليحاول “لعب دور صانع السلام” في التوتر الإيراني السعودي في الخليج.

وتفاقم الخلاف بصورة خاصة مع الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية سعودية في أيلول/سبتمبر. وتبنى المتمردون الحوثيون اليمنيون المدعومون من طهران هذه الهجمات. ويخوض الحوثيون حربا ضد تحالف عسكري بقيادة السعودية دعما لحكومة الرئيس اليمني المعترف به عبد ربه منصور هادي.

وحمّلت السعودية والولايات المتحدة ثم ألمانيا وبريطانيا وفرنسا إيران مسؤولية الضربات، لكن إيران نفت أي دور لها وحذرت من “حرب شاملة” في حال تعرضت لهجوم على أراضيها.

وتفادت روسيا الوقوف بجانب طرف ضد آخر، بل دعت إلى “عدم الخروج باستنتاجات متسرعة” عارضة على الرياض شراء منظومات روسية للدفاع الجوي بهدف حماية أراضيها.

وقال بوتين في المقابلة التي شاركت فيها قناة “روسيا اليوم” و”سكاي نيوز عربية”، إن “هذه القوة الكبيرة، إيران الموجودة على الأرض منذ آلاف السنين -فالإيرانيون والفرس عاشوا هنا منذ قرون- لا يمكن ألا تكون لديهم مصالحهم الخاصة، ويجب أن يعاملوا باحترام”.

وأضاف “أما بالنسبة لروسيا، فسنبذل قصارى جهدنا لخلق الظروف اللازمة لمثل هذه الديناميكية الإيجابية”.

في سوريا، تقف روسيا الى جانب نظام الرئيس بشار الأسد مع إيران، فيما تدعم السعودية المعارضة، لكن موضوع النزاع أدرج رغم هذا التعارض في المواقف على جدول أعمال محادثات بوتين مع القادة السعوديين، وفق ما أوضح مستشار الكرملين يوري أوشاكوف.

وفي هذا السياق، من شأن الهجوم الذي باشرته تركيا الأربعاء ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا بموازاة سحب الولايات المتحدة قواتها من المنطقة، أن يعيد خلط عدد من الأوراق.

وكانت روسيا والسعودية وقّعتا في تشرين الأول/أكتوبر 2017 بروتوكول اتفاق يمهد لشراء أنظمة صواريخ روسية مضادة للطيران من طراز إس-400. غير أن الصفقة لم تتم في نهاية المطاف، إذ اختارت المملكة شراء أنظمة صاروخية أميركية.

وفي هذا الإطار أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنه “تم التطرق الى التعاون العسكري والتقني بين البلدين خلال المتحادثات بين بوتين والقادة السعوديين.

وأضاف في تصريح صحافي “أن الحوار حول هذا الموضوع سيتواصل”، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.

وبعد السعودية، يتوجه بوتين الثلاثاء إلى الإمارات العربية المتحدة حيث سيلتقي ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان.
” ا ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد