فدائي عتيق ..قراءة بأثر رجعي لكف القدر – صالح العجلوني

0 604

 

العالم الآن – كما الموت يحضرُ بغتةً بلا استئذان فيزداد الليل حلكةً ويحلُ الرعبُ في المكان … أنا الفدائي ، أنا طالبُ الثأر ، أنا المستحيلُ الممكنُ إن رمتَ أن تراه حيا …
نخرج من حيث لا ينبغي ومن حيث لا يدري البغي وكما يقول فينا نزار:”نحن مبثوثون في الريح وفي الماء وفي النبات … ونحن معجونون بالألوان والأصوات … ”
هكذا هو الفدائي صانعُ الرعبَ صاحبُ القلبِ الذي ينبضُ حباً ، وأحياناً ينبضُ لهبْ…
هكذا هي صورة الفدائي فهي صورة تبعث الفرح بكل دموعه ودمائه في نفوس محبيه وهي ذات الصورة التي تثير كل أحاسيس الخوف بكل دموعه ودمائه أيضاً في نفوس أعدائه ؛ فيا له من تناقض جميل!!!
ولقد جادت علينا الكاتبة الأصيلة المبدعة (أسماء ناصر أبوعياش) بتحفةٍ أدبيةٍ جميلة أودعت فيها سيرة ومسيرة فدائي نبيلٍ جليلٍ جادت به الحادثات من رحمها ، فهو زوجها ورفيق دربها هو (الفدائي العتيق) الذي لم يترك الخندق ليبتدر الغنائم كما وصفه رفيق دربه الدكتور نبيل عمرو إنه المرحوم (عدنان عبدالحليم أبوعياش) ذلك الفتى الفلسطيني الذي ولد في قرية (بيت أمّر / بيت أومر) وتروي لنا الكاتبة في هذه الحكايا كيف آثر هذا الفتى النضال على اكمال مسيرته التعليمية ؛ فطوف بالأفاق من ألمانيا عبر أوروبا إلى الجزائر ثم سوريا والأردن ولبنان وتونس …ثم العودة إلى الديار في رحلة نضال رسمت بالنار و الرصاص …
وأكثر ما شدني في هذا المنتج الأدبي الجميل (فدائي عتيق) هو أن الكاتبة أنثى تتحدث فيه عن رجل يخصها فهو الزوج الحبيب ورفيق الدرب والطريق ومن خلال مراجعات سريعة في ذاكرتي لأدبيات العشق والنضال لم أقف على تجارب أنثوية تمجد رجلاً (زوجاً كان أم أخاً اوغيره) إلا تجربة الخنساء التي لازال المدى يردد صدى عويلها على صخر…
وأتساءل هنا هل الرجال فقط هم من يجيدون الحديث عن رفيق الدرب والحب ، وتكتفي المرأة في تلك المسيرة بأن تكون تلك المعشوقة والباعثة للإلهام ؛
فعنترة قد هام بعبلة وقال فيها الكثير فماذا قالت عنه عبلة؟؟؟ أو هل كتبت عبلة عن عنترة شيئاً أصلاً ؟؟؟
و محمود درويش الذي حالت البندقية بينه وبين ريتا فهل كتبت ريتا عنه أم حال بينهما الرصاص؟؟؟ ونجد في أدبيات العشق أن نزار قباني قد جعل بلقيس أغنية على كل لسان فماذا قالت عنه بلقيس؟؟؟
أما كاتبتنا الجليلة فقد عرفت للنضال دربا أخر هو درب الحرف فالنضال عندما يوثَقُ بالحرف يستحيل أن يُفَكَ وثاقه فيبقا خالداً ما دام الحرف والسطر والقلم ، ولقد كانت كاتبتنا أمينة على تلك السيرة العطرة لذلك (الفدائي العتيق) وكانت أمينة على القضية من حيث حفظها ونقلها وتسليط الضوء على مفاصلها وأبطالها فبينما كان البدوي حماد يجسد دور دليل العابرين إلى السماء فإن كاتبتنا تمثل دليل العابرين إلى الأسماء والأحداث ودليلنا إلى ولادة النضال في مهده الأول…
أما ذلك الفدائي العتيق (عباس) -هكذا هو اسمه الحركي- فهو لم يقدم استقالته من النضالِ بشهادة وفاته بل كانت شهادةُ وفاته بمثابة طلب نقل لنشاطه الفدائي من ظاهر الارض إلى باطنه ليحرس الجذور فهو يتقن العمل السري ويجيده وأخذ معه شيئاً من أغاني درويش ليؤنس بها الشهداء والمناضلين الذين سبقوه هناك فيدندن على أسماعهم تصبحون على وطن
ويرسل منشوراته الفدائية لبني اسرائيل فيخاطبهم بلسان نزار:
لا تسكروا بالنصر
إذا قتلتم خالداً فسوف يأتي عمرْو
وإن سحنتم وردةً فسوف يبقى العطر …
ومن هناك من بين الجذور وطيب البذور يصدح بالبلاغ الأخير و اللسان دوماً لنزار فيقول:
يا بني اسرائيل … لا يأخذكم الغرور
عقارب الساعة إن توقفت لابد أن تدور …
رحم الله بطلنا الفدائي العتيق عدنان أبوعياش (عباس) وأسكنه فسيح جنانه ذلك المناضل الذي لم يتكسب بنضاله إلا الخلود ولم يتكسب من منصبه إلا الذكر الحسن …
عاشت فلسطين حرة أبية وعاشت القضية والنصر قادم بإذن الله .

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد