السفير ومت حيا- سهير جرادات – الأردن

0 417

العالم الآن – في كل مرة كنت أسأل فيها أحد السياسيين الاقتصاديين عن موعد الانفراج الاقتصادي، واستقرار الأحوال في الأردن ؟ .. كانت تأتي إجابة السؤال بسؤال : هل تم تعيين السفير ؟ ويتابع: لان التعيين اعلان عن الرضا الأمريكي على الأردن ، وإعادة الاعتبار لدوره في المنطقة ، وإعلان انتهاء الضغط عليه، وتحقق ما أرادوه!!..
على الرغم من التأكيدات الأردنية التي جاءت على لسان وزير الخارجية الحالي والسابق، وعلى مدار فترة غياب تعيين سفير امريكي لدى البلاط الهاشمي التي استمرت لعامين ، بأن عدم تعيين امريكا سفيرا لها في الاردن لا يعني الاهانة، وأن وجود بعض الاختلافات على عدة ملفات، لا يؤثر في العلاقات المتينة والوثيقة والمعتدلة بين البلدين حيث تعهدت واشنطن لأكثر من مرة فإن بتعزيز استقرارالمملكة ودعمها ماديا، إضافة إلى وجود اتفاق أدبي ؛ يكون الأردن على أساسه حليفا رئيسا لأمريكا خارج حلف الناتو ،إلا أن جميع المحللين السياسيين قد اجمعوا بأنها ورقة ضغط على الدولة ورئيسها.
ورغم أن الأردن يتمتع بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وفي أكثر من محفل تتعهد امريكا بموجب مذكرات تفاهم وقعت بين البلدين ، بتقديم مليارات الدولارات سنويا من المساعدات الاقتصادية للأردن ، الى جانب تقديم ملايين الدولارات لدعم القوات المسلحة الأردنية/ الجيش العربي .
لكن غياب سفير اميركي جديد لدى الأردن ومنذ سنتين تقريبا،وتحديدا ، مع بداية عام 2017 ،شغر المنصب بعد انتهاء أعمال السفيرة أليس ويلز ، “التي تمت إقالتها من قبل الرئيس الامريكي ترامب ، بناء على طلب مباشر من الملك عبد الله الثاني ، كونها سفيرة مزعجة وفضولية ، أقحمت نفسها كثيرا في القضايا المحلية منذ تعيينها في العام 2014، وكانت تتحرك دون مراعاة للأعراف الدبلوماسية ، وطلب الملك ذلك من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إلا أنه رفض إقالتها مؤكدا دعمه لها ” ، بحسب تصريح سيناتور دبلوماسي متقاعد لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية .
وطول فترة شغور التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في الأردن ، فتح بابالتأويلات والتساؤلات حول وجود أزمة غير معلنة بين البلدين، إلى جانب وجود قضايا عالقة لم تجد طريقها بعد للحل ، وملفات ما زال تغير مغلقة، تتعلق بالقدس والوصاية على المقدسات الإسلامية ، ومايُجد على محور القضية الفلسطينية .
وعلينا أن لا ننسى أن الاكتفاء الاميركي بقائم أعمال يعد سابقةدبلوماسية غير سليمة انتهجتها واشنطن، ويعد مؤشرا الى انخفاض الاهتمام الأمريكي بالدور الأردني في المنطقة ، وتم استغلال هذاالوضع للضغط على الأردن في ملفات عدة ، من أبرزها ملف الوصايةعلى القدس وإعادة التمثيل الدبلوماسي الاسرائيلي في الاردن بعد حادثة اطلاق النار في السفارة وتهريب المعتدي دون إذن رسمي ،وكلها خلقت حالة من التوتر بين البلدين لعدة أشهر .
لاشك بأن عودة التمثيل الدبلوماسي الامريكي لدى الاردن له معانيه ودلالاته ، كما أن غياب تسمية سفير امريكي لحوالي العامين له دلالاته ومعانيه ، إلا أنه على مدار العامين لم تعلل واشنطن سبب التأخير في تعيين السفير، وحتى بعد الاعلان عن تعيين سفير لها لدى البلاط الهاشمي الاردني لم تقم أيضا بتفسير هذا الإجراء .
وفي قراءة سريعة لقرار تعيين القائم بأعمال السفير الامريكي في الأردن سابقا العسكري السابق “هنري ووستر ” ليكون أول سفير أمريكي فوق العادة في عهد الرئيس ترامب ، ومفوضا للولايات المتحدة الأمريكية لدى الأردن ، وهو ضابط بالجيش قبل أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي ، نصفه كردي حيث ولد لام من كردستان العراق ،ويتحدث الفرنسية والروسية، ولديه معرفة عملية باللغة العربيةوالفارسية والسريانية/ الآرامية ، قي هذه الظروف يبقى هذا السؤال مطروحا: هل جاء ووستر لتصحيح أخطاء “ويلز” المزعجة؟!
اليوم ، وبعد الانفراج الدبلوماسي الأمريكي – الأردني ، المتزامن مع الزيادات الهزيلة التي أعلنت عنها الحكومة في حزمتها الاقتصاديةالثالثة لرواتب الموظفين العسكريين والمدنيين العاملين والمتقاعدين التي تتراوح بين عشرة دنانير شهريا ، لتصل الى ثمانين دينارا لرفعمن هم دون الحد الأدنى للأجور الى 300 دينار شهري ، بالتأكيد ليس هذا الانفراج الاقتصادي الذي كان يتحدث عنه السياسي الاقتصادي ، لأنه في الحقيقة لم يجد نفعا في تهدئة النفوس الغاضبة والساخطة على الوضع الذي آلت إليه حالة البلاد والعباد ، من تفشي الفساد ، وتغول الفاسدين على مقدرات الدولة وعليهم، وزاد حالة الحنق الشعبي والسخط العام على كل الأوضاع .
واكد المتقاعدون المدنيون والعسكريون ان الزيادة الحكومية الهزيلة رسالة خاصة لهم ، مفادها : كنا نطلق عليك أيها المتقاعد تسمية” مت.. قاعدا” ، واليوم نقول لكم: ايها الأحياء الاموات:” مت .. حيا!”
[email protected]

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد