ترمب يدعو إلى وقف محاكمته في مجلس الشيوخ

0 205

العالم الآن – فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمهوريين بمطالبتهم بوقف إجراءات عزله. وقال ترمب في سلسلة من التغريدات أمس (الاثنين): «كثير من الأشخاص يعتقدون أن عقد محاكمة في مجلس الشيوخ من دون أدلة تذكر ولا جرائم، يعطي إجراءات العزل المزيفة وحملة مطاردة الساحرات الديمقراطية مصداقية لا تتمتع بها في الوقت الحالي. أنا أوافق على هذا!». وتابع ترمب: «لا يجب السماح بالمضي قدماً في إجراءات العزل. لم أرتكب أي خطأ. كان تصويتاً حزبياً من دون أي أصوات جمهورية وهذا لم يحصل من قبل!».

من جهتها، قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي: «لقد قمنا بعملنا ودافعنا عن دستور الولايات المتحدة. نأمل أن يسير مجلس الشيوخ على خطانا». وأكدت بيلوسي في مقابلة مع شبكة «أي بي سي» أنه وبغض النظر عن محاكمة مجلس الشيوخ، فإن مجلس النواب عزل الرئيس الأميركي للأبد. واستفزت هذه التصريحات ترمب، الذي غرّد قائلاً: «لماذا يجب أن يرتبط اسمي بالعزل في وقت لم أرتكب فيه أي خطأ؟ اقرأوا نصوص الاتصالات! هذا غير عادل لملايين الناخبين!».

وهذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها ترمب مجلس الشيوخ إلى عدم عقد محاكمة، وهو كان في السابق يحث الجمهوريين على إنهاء محاكمته بسرعة ويركز بشكل أساسي على مهاجمة بيلوسي. وقد وصفها مؤخراً بأنها رئيسة مجلس النواب الأسوأ في التاريخ الأميركي.

ولم يكن الجمهوريون يتوقعون هذا التغيير في استراتيجية ترمب، فهم تنفسوا الصعداء الأسبوع الماضي، عندما أعلنت بيلوسي أنها سوف تفرج عن بنود العزل هذا الأسبوع. وبدأت القيادات الجمهورية في مجلس الشيوخ الاستعداد لعقد محاكمة تاريخية بعد تسلم المجلس الملف. وكانت رئيسة مجلس النواب أعلنت يوم الجمعة الماضي، وبعد طول انتظار أن المجلس سيصوت هذا الأسبوع لإرسال بندي الاتهام بحق ترمب إلى مجلس الشيوخ. وقالت بيلوسي في رسالة كتبتها إلى الديمقراطيين في المجلس يوم الجمعة: «لقد سألت رئيس اللجنة القضائية جارولد نادلر أن يطرح مشروع قرار لتعيين ممثلين في المحاكمة وإرسال بندي الاتهام إلى مجلس الشيوخ».

إعلان بيلوسي يعني أن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل يستطيع البدء بإجراءات محاكمة ترمب، بمجرد تسلمه مشروع قرار مجلس النواب. يأتي هذا الإعلان بعد عملية شدّ حبال طويلة بين مكونيل وبيلوسي، التي كانت تحاول الضغط على زعيم الأغلبية لاستدعاء شهود من الإدارة الأميركية قبل بدء المحاكمة. الأمر الذي رفضه مكونيل كلياً، عادّاً أن أي قرار باستدعاء شهود أو المطالبة بمستندات جديدة يجب أن يحصل بعد بدء المحاكمة.

وكان مكونيل أعطى بيلوسي مهلة حتى نهاية الأسبوع الحالي لإرسال بنود العزل إلى المجلس والبدء بمحاكمة الرئيس، وقال: «إن لم يتم إرسال البنود، سوف أنتقل إلى نقاش مسائل أخرى في المجلس، وسوف أفترض أن الديمقراطيين في مجلس النواب محرجون من المضي قدماً». وواجهت بيلوسي في الأيام الأخيرة ضغوطاً متزايدة من صفوف حزبها الديمقراطي للإفراج عن بنود العزل، وإرسالها إلى مجلس الشيوخ، حيث دعا رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب آدم سميث، وهو من حلفاء بيلوسي المقربين، رئيسة المجلس إلى إرسال بندي الاتهامات إلى مجلس الشيوخ. وقال سميث: «في نهاية المطاف وكما يسيطر الديمقراطيون على الأغلبية في مجلس النواب، فإن الجمهوريين يتمتعون بالأغلبية في مجلس الشيوخ. حان الوقت كي نرسل بنود العزل إلى المجلس وأن نلقي بمسؤولية المحاكمة على (زعيم الأغلبية) ميتش مكونيل».

كما دعا عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بيلوسي إلى إرسال بنود العزل إليهم بأسرع وقت ممكن. فقالت كبيرة الديمقراطيين في اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ دايان فاينستاين: «كلما انتظرنا أصبح الموضوع أقل استعجالاً. إذا كان الموضوع جدياً وملحاً أرسلي البنود إلينا. إذا لم يكن جدياً وملحاً، لا ترسليها». وكان الديمقراطيون يأملون بأن يؤدي إعلان مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون استعداده للإدلاء بإفادته أمام الكونغرس إلى تغيير رأي مكونيل باستدعاء شهود، لكن هذا الأخير أصر على موقفه ورفض التجاوب مع المطالب الديمقراطية.

بيلوسي كانت قررت عدم إرسال بنود العزل إلى مجلس الشيوخ بعد موافقة مجلس النواب عليها، في خطوة فاجأت الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. وقالت بيلوسي حينها: «لن أرسل بنود الاتهامات التي صوّتنا عليها إلى مجلس الشيوخ قبل أن أطّلع على أطر المحاكمة». وقد تمكنت بيلوسي من الاستفادة من إجراءات مجلس النواب الدستورية لتأجيل ملف العزل، فضمن هذه الإجراءات التي يجب أن تحصل قبل تسلم مجلس الشيوخ رسمياً ملف العزل، تصويت إجرائي في مجلس النواب لتعيين نواب مسؤولين عن المحاكمة وتسليم الملف لمجلس الشيوخ.

قرار بيلوسي حينها أثار حفيظة مكونيل، فقال في خطاب لاذع في المجلس: «إن الإجراءات التي اعتمدها الديمقراطيون أدت إلى أول عزل حزبي منذ الحرب الأهلية. إن الديمقراطيين خائفون من تسليم مجلس الشيوخ ملف العزل، لأنهم قاموا بعمل أرعن في تحضيرهم للملف». ولا يعني الإفراج عن إجراءات العزل أن المواجهة بين الحزبين ستنتهي.

فقد كرر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إصراره على استدعاء شهود مثل ميك مولفاني كبير موظفي البيت الأبيض، وبولتون، وروبرت بلير ومايكل دافي من مكتب الموازنة والإدارة في البيت الأبيض. وقال شومر إنه سيسعى جاهداً إلى طرح استدعاء الشهود في جلسات المحاكمة على التصويت في المجلس، مشيراً إلى أن هذه الاستدعاءات ستأتي في شكل مذكرات جلب يصدرها كبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس الذي سيترأس جلسات المحاكمة التاريخية.

وقد رفض مكونيل هذه المطالب قائلاً: «نحن لا نخلق إجراءات العزل بل نحكم عليها. إن وظيفة مجلس النواب التحقيق وواجبه أن ينظر في القضية التي ستقلب إرادة الناخبين الأميركيين». وتابع مكونيل: «إن وظيفة مجلس الشيوخ ليست البحث عن أدلة وطرق لإدانة الرئيس». ما يتحدث عنه مكونيل هو الدور الذي حدده الدستور لكل من مجلسي النواب والشيوخ. فوظيفة مجلس النواب تقضي بجمع الأدلة والتصويت على عزل الرئيس فيما تقضي وظيفة مجلس الشيوخ عقد جلسات محاكمة لتحديد ما إذا كان يجب خلع الرئيس من منصبه بسبب الاتهامات التي يواجهها، أم لا.

لكن الدستور لا يحدد أطر المحكمة، بل يترك الأمر بيد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ. وقد قال شومر إنه سيضغط لطرح مطالبه على التصويت خلال جلسات المحاكمة، وبما أن هذه المطالب ستحتاج إلى الأغلبية البسيطة للموافقة عليها، فهذا يعني أن الديمقراطيين بحاجة إلى انضمام بعض الجمهوريين المعتدلين إلى صفوفهم. وفي حال تعادل الأصوات، ستكون الكلمة الأخيرة لكبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس الذي سيترأس جلسات المحاكمة.

وفي هذه الجلسات سيؤدي أعضاء مجلس الشيوخ دور هيئة المحلفين، ويستمعون إلى إفادات المسؤولين عن ملف العزل في مجلس النواب من ديمقراطيين وجمهوريين وشهودهم. ولن يتمكن أعضاء المجلس من طرح أسئلة مباشرة خلال جلسات المحاكمة، بل عليهم كتابة هذه الأسئلة وتسليمها إلى كبير القضاة الذي هو بدوره يطرحها على مسؤولي الملف. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب كرّر مطالبته باستدعاء نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ونجله هنتر إلى جلسات المحاكمة، الأمر الذي رفضه بايدن كلياً، واتهم ترمب بمحاولة تشتيت الانتباه عن قضية عزله والاتهامات التي يواجهها. وبعد الانتهاء من جلسات المحاكمة، يصوت المجلس على قرار خلع الرئيس أو تبرئته، ويحتاج القرار إلى ثلثي الأصوات، الأمر المستحيل نسبياً نظراً لسيطرة الجمهوريين على المجلس.
” الشرق الاوسط”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد