نقمة اللبنانيين تزداد على المصارف والفراغ السياسي مستمر

0 278

العالم الآن – مع تعثّر تشكيل حكومة وازدياد حدّة الأزمة الاقتصادية والمالية، تزداد نقمة اللبنانيين على الطبقة السياسية والمصارف التي تشهد يومياً إشكالات مع المودعين الراغبين بالحصول على أموالهم في خضم أزمة سيولة حادة تنذر بتصعيد الاحتجاجات.

وشهد شارع الحمراء التجاري في بيروت، حيث مقر المصرف المركزي ومقرات وفروع عشرات المصارف، مواجهات عنيفة ليلاً بين المحتجين الذين كسروا واجهات مصارف وقوات الأمن التي أطلقت الغاز المسيّل للدموع وأعلنت توقيف 59 شخصاً.

ومنذ ساعات الصباح الباكر، انهمك عمال التنظيف، وفق ما شاهد مراسلو وكالة فرانس برس، في إزالة زجاج المصارف المتناثر أرضاً، بينما انصرف عمال صيانة إلى كسر واجهات متصدعة، لاستبدالها بأخرى جديدة أو بألواح معدنية واصلاح الأضرار.

وكسر المتظاهرون ليلاً الواجهات الزجاجية الصلبة مستخدمين أعمدة إشارات السير التي اقتلعوها من مكانها وقساطل حديد ومطافئ الحريق. كما حطموا أجهزة الصراف الآلي ورشوها بالطلاء الأحمر وكتبوا على الجدران شعارات مناوئة للمصارف بينها “يسقط حكم المصرف”.

واستمرت عمليات الشغب لنحو خمس ساعات، تخللها القاء المتظاهرين الحجارة على قوات الأمن التي أطلقت الغاز المسيّل للدموع بكثافة.

وعالج الصليب الأحمر اللبناني وفق ما قال متحدث باسمه الأربعاء لفرانس برس 37 جريحاً من مدنيين وعسكريين، تم نقل ثلاثة مدنيين منهم إلى المستشفى للعلاج. وأعلن الدفاع المدني من جهته أنه عالج مجموعة من المدنيين والعسكريين في شارع الحمراء، ونقل بعض المصابين الى مستشفيات المنطقة من دون تحديد عددهم.

وأحصت قوى الأمن الداخلي من جهتها إصابة 47 عنصراً خلال الصدامات.

وأفادت في بيان الأربعاء عن “توقيف 59 مشتبهاً به في أعمال شغب واعتداءات”، ما أثار غضب المتظاهرين وأفراد عائلاتهم الذين تجمعوا أمام ثكنة عسكرية احتُجزوا فيها وحصلت حالات تدافع مع قوات الأمن. وتمّ اطلاق سراح عدد قليل منهم بعد التحقيق معهم، وفق ناشطين.

– “غضب الناس” –

وحضر موظفو غالبية المصارف إلى دوامهم بشكل طبيعي، متفقدين الأضرار التي لحقت بمكان عملهم، قبل أن يستأنفوا استقبال المودعين.

وقالت عليا بعد خروجها من أحد المصارف لفرانس برس “التكسير ليس مقبولاً، لكنني أتفهم غضب الناس الذين باتوا متعبين جداً”.

وتابعت “علي أن أحضر مرتين إلى المصرف أسبوعياً لأسحب 200 دولار، إذ لدي مريض في المنزل وعلي أن أدفع راتب الممرض”، لافتة إلى أن “القيود التي يفرضونها تجعل حياة المواطن معقدة جداً”.

ومنذ أسابيع، ينتظر المودعون لساعات داخل قاعات المصارف لسحب مبلغ محدود من حساباتهم الشخصية بالدولار، بعدما حددت المصارف سقفاً لا يلامس الألف دولار شهرياً. وتشهد المصارف بشكل شبه يومي إشكالات بين الزبائن الذين يريدون الحصول على أموالهم وموظفي المصارف العاجزين عن تلبية رغباتهم. كما لم يعد ممكناً تحويل مبالغ مالية إلى الخارج إلا في حالات محددة.

وتوشك الليرة اللبنانية على خسارة نحو نصف قيمتها عملياً. ففيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات مقابل الدولار، لامس الدولار عتبة 2500 ليرة في السوق الموازية.

ودعت مجموعة تطلق على نفسها تسمية “مجموعة شباب المصرف” إلى اعتصام جديد مساء الأربعاء أمام المصرف المركزي، متوعدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالمحاسبة.

وفي لبنان، يتم استخدام الدولار والعملة المحلية في عمليات الدفع اليومية، إلا أن الحصول على الدولار بات مهمة صعبة منذ أشهر ويتهم المتظاهرون المصارف بالتواطؤ مع الصرافين والتلاعب بسعر الصرف.

– “لوموا أنفسكم” –

وعمد متظاهرون بعد الظهر إلى قطع طريق حيوي يؤدي إلى وسط بيروت، فيما قطع متظاهرون طرقاً رئيسية في شرق البلاد وجنوبها وشمالها. وأقفلت العديد من المدارس أبوابها.

ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، خرج مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات وقطعوا الطرق احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد ويحملونها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية.

وتسبّبت الاحتجاجات باستقالة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، ومن ثم تكليف حسان دياب تشكيل حكومة إنقاذية، تعهّد أن تكون مصغرة ومن التكنوقراط، قبل أن يتحدّث الجمعة عن “ضغوط” يتعرض لها. واصطدم مؤخراً بدعوة كتل سياسية دعمت تكليفه إلى تشكيل حكومة تكنوسياسية.

ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن تضع خطة إنقاذ للاقتصاد المتداعي. وخسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم جراء أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد في تاريخها الحديث، بينما ارتفع الدين العام إلى نحو تسعين مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

وطالب رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في بيانين منفصلين بمعاقبة المسؤولين عن الاعتداءات على المصارف، معتبرين أن ما جرى “غير مقبول”، في حين وصفته جمعية المصارف بـ”العمل الهمجي”.

وانتقد المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في تغريدة الأربعاء أداء السياسيين الذين “يتفرجون على انهيار الاقتصاد” على وقع “تصاعد الاحتجاجات الغاضبة”. وخاطبهم بالقول “أيها السياسيون، لا تلوموا الناس، بل لوموا أنفسكم على هذه الفوضى الخطيرة”.
” ا ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد