التطرف الإقصائي – د.رائد صبري أبو علفة

0 381

العالم الآن – التطرف الإقصائي شكل من أشكال الفساد في المجتمع، ومعول من معاول الهدم لوحدته وتماسكه،
وبذرة سوء تنخر بأشواكها تربته، وتنهش بكلاليبها لحمته.
والذين يمارسون هذه النوع من التطرف لسيوا من الذين يحملون بأيديهم الرشاشات والبنادق، ولا ومن الذين يتمترسون في شعب الجبال وفي حفر الخنادق؛ لا!
كما لا أتحدث عن أصحاب سوابق، ومن عرف حاله بالمتاعب , إنما أتحدث عن بعض المسؤولين من أصحاب المناصب والمراتب ممن يقدمون في المجالس، وتعرفهم جيدا صالات الفنادق،
ولا يخفى حالهم على كل فطن حاذق، فهو في ظهاره ومظهره عنوان للأناقة، لكنه بفكره وجوهره ومخبره دليل للحماقة،
نعم حماقة، لكنها من نوع آخر مركبة الجوانب.
فهل يجوز لشخص أن يجمع مصرا بأكمله على فكرته، فيوالي ويعادي عليها، ويقدم و يؤخر من أجلها؟
ولسان حاله يقول: من كان معنا ووافقنا قبلناه، ومن عارضنا وخالفنا رددناه ورفصناه ورفضناه.
وهذا الحال وسوء المآل نجده في شتى المحافل السياسية، والاجتماعية، والدينية.
لقد تناسى هؤلاء قيم الوطن وثوابته، وتغافلوا عن منظومته وأساسه،
بل إنهم وضعوا شعار التعددية الفكرية والديمقراطية التي نادوا بها في كل محافلهم تحت اقدامهم، وداسوها بنعالهم، فعاشوا انفصاما واقعيا، واضطرابا مجتمعيا، فلا هم إلى هولاء ولا إلى هولاء، مذبذبين متناقضين.

والبعض الآخر جعل شعاره ودثاره النفع والمصلحة، والمقدم عندهم من (نفع واستنفع)، فما قصدت مفهوم معلوم، يعرفه من بحفاظته ملفع، ولا تحتاج لفطنة ابن المقفع، ودعوني أضرب على ذلك مثالا، -وبالمثال يتضح المقال-:
فعندما يـقصى أصحاب القيم والعقول عن بعض المؤسسات الإعلامية،
وعندما ينبري أحد مديرها قائلا:
لا نريد مشايخ في مؤسستنا، فهذه علامة الانحطاط، ودونية دون مستوى البلاط!!
ولم استغرب منه ما قال، فمواصفاتي تختلف عن مواصفته، فلا أملك خصرا نحيلا يتمايل عند الطرب، ولا نهدين منتفخين بالسيلكون مزينا بقلائد من ذهب مع ما تحمل صاحبته من قلة ادب، فالقيم ليست من أولوياته، والتحذير من الظواهر السلبية ليست من مهماته،وحماية الوطن وأبناءه
لست تطلعاته
وهذا وذاك ذكرني بمقولة اسلافه عندما قالوا لنبي الله لوط: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).

وهاهنا يخطر ببالي العديد من التساؤلات:
هل الإعلام المرئي قدم رسالة تخاطب فئات المجتمع جميعه؟
وهل هذا الإعلام الذي عدّ نفسه عريقا بتاريخه استحوذ على اهتمام المشاهد؟
ستعرف الجواب عندما تعلم أن جهة لم تبلغ من العمر بضع سنين، وبكادر صغير قد استحوذ على تسعين بالمئة من مشاهديه!!
وهذا سببه ضحالة التفكير، وسوء التدبير.
وهل الرسالة الإعلامية مقتصرة على الغناء والتطبيل، والرقص والتمثيل؟!
لماذا أفرغت هذه الرسالة الإعلامية من مضمونها؟ !
هل القائمون عليها لا يعرفون منها إلا هذا الجانب، وتناسوا الضروريات والمهمات والأولويات؟!
أعود فأقول: إن التطرف الإقصائي بات ظاهرة لا يكاد يخلو منه مكان. ودعوني أمر مرورا سريعا كعلى بعض مضاره وسلبياته،
فمن مضار:
١ هدم وحدة الصف وتشرزم الأمة وتفرقها.
٢. إهدار الجهود والطاقات الفاعلة لبناء المجتمع.
٣ غرس بذورالعداوة والكراهية بين أفراد المجمتع، خاصة اتجاه الحكومات والتي تؤدي إلى الحقد على الوطن.
٤. هجرة الطاقات والكفاءات إلى خارج البلاد.
5 تزايد ظاهر الهجوم على الآخرين، مع غياب واضح للحوار الهادف.
6 اغتيال وإلغاء الشخصية وهدر الطاقات الفاعلة
وكتب :رائد صبري ابو علفه

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد