(طعمي ابنك وإكرمه،بتعرفش مين بعدك بيحرمه) – رانيا أبو عليان

0 529

العالم الآن – …لازلتُ اذكر “دخلة” أبي رحمه الله على المنزل مُحمَّلاً بصناديق الفواكة والمأكولات و علب الحلوى التي تكفي خمس عائلات كعائلتنا،…كُنا حينها صغاراً ونتسابق بنقل تلك الصناديق والعُلب من السيارة بمجرد إطلاقِهِ لذاك “الزامور” مُعلناً قدومه،..لازلتُ أذكر كيفَ كان يوقف “سيارة البطيخ”فيشتريها كاملةً ونضطر لكثرتها أن نحفظها تحت الأسِرَّة بعد أن فاضت عن سعة “المطبخ”،…وكانت جدتي التي تقيم معنا تُبادره في كُلِّ مرةٍ قائلةً..”كتير هاد يما،..حرام،..اللي بتجيبه بيكفي خمس عِيَلْ”…فكان والدي في كل مرةِ يُبادرها بنفس المثل قائلا:”طعمي إبنك وأكرمه،..بتعرفش مين بعدك بيحرمه”.
….مضت تلك الايام ومضينا،..توفي والدي وجدتي…وكبرتُ للحد الذي يمكنني أن احصل لنفسي على كل ما أريد واشتهي…وكنت كلما مررت بما تشتهي عينيَّ مما كان والدي يحضر لنا في طفولتنا ولضيق المكان والزمان وكثرة الإنشغالات لا احاول غالباً تناوله أو الوقوف عنده،… ولكنني أقف لوهلةٍ وأحس بالاكتفاء منه والرضا حين أذكر والدي رحمه الله وهو يحمله لنا،…
أوَلا تقول أمثالنا أيضا”فلانة شبعانة من بيت أهلها”؟…والله لقد “شبعنا”وتشبعت ارواحنا قبل اجسادنا من كل خيرِ وطِيب.
….رحمك الله يا أبي وأسال الله لك خيرَ طعام الجنَّة،…كما كُنتَ تَتخير لنا خيرَ طيبات الدُنيا،…فوالله يا ابي إن ما زرعت فينا من أخلاقِ وصِفَاتٍ و”جينات”وما غَذيت َ فينا من دمٍ ولحمِ بالحلال هو ما نملك في دنيانا وما نقوى به على الإستمرار والمسير…طبت حيا وطبت ميتا يا أبي…..
#رانيا_أبوعليان

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد