سباق مع الزمن للعثور على ناجين وعون لا يستبعد التدخل الخارجي في انفجار بيروت

0 242

العالم الآن – قال الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الجمعة إن التحقيق في أكبر انفجار يشهده لبنان في تاريخه سيبحث إذا كان ناتجا عن قنبلة أو أي تدخل خارجي آخر فيما يحاول السكان لملمة شتات حياتهم التي مزقها الانفجار.

مجموعة من الأشخاص ينظفون أحد الشوارع قرب موقع انفجار مرفأ بيروت يوم الجمعة. تصوير: هاناه مكاي-رويترز.
وكثف رجال الانقاذ البحث عن المفقودين حيث قاموا بتمشيط الحطام في سباق مع الزمن أملا في العثور على ناجين بعد الانفجار الذي وقع مساء الثلاثاء وأودى بحياة 154 شخصا وأصاب نحو خمسة آلاف وأدى لدمار واسع النطاق في العاصمة اللبنانية وأحدث موجات زلزالية في أنحاء المنطقة.

وقال عون في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية وأكدها مكتبه ‭‭‭“‬‬‬لم يحدد بعد سبب الانفجار، فهناك احتمال تدخل خارجي عبر صاروخ أو قنبلة أو أي عمل آخر، وطلبت من ماكرون تأمين الصور الجوية لمعرفة ما حصل وإن لم تتوفر لدى الفرنسيين سنطلبها من مصدر آخر“.

وأضاف أن التحقيق سيبحث ما إذا كان الانفجار ناجما عن الإهمال أم قضاء وقدر. وسبق أن صرح بأن مواد شديدة التفجير ظلت مخزنة في المرفأ لأعوام دون توفر شروط السلامة. وأضاف أن عشرين شخصا جرى توقيفهم حتى الآن.

وذكر مصدر أن تحقيقا مبدئيا ألقى اللوم على الإهمال.

كما سبق أن أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستبعد حدوث هجوم. ونفت إسرائيل، التي خاضت عدة حروب مع لبنان، ضلوعها في الانفجار.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن السبب غير واضح لكنه قارن الانفجار بالتفجير الكبير الذي وقع عام 2005 وأسفر عن اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

ونفى حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ما وصفها بأنها تصريحات ”مسبقة“ داخليا وخارجيا بأن الحزب المدعوم من إيران كان يخزن أسلحة في المرفأ.

وعند مسجد محمد الأمين بالقرب من قبر الحريري، قال أمين دار الفتوى الشيخ أمين الكردي للمصلين إن قادة لبنان يتحملون المسؤولية.

وقال ”هذا تفخيخ لبيروت، وهذا تفجير لبيروت، الكل يتحمل المسؤولية، من رئيس الجمهورية لرؤساء الحكومات، رئيس المجلس النيابي، الوزراء، النواب، كلٌ في موقعه، الأجهزة الأمنية.. كلهم يتحملون المسؤولية.. أين الأجهزة الأمنية؟ أين الجيش اللبناني؟ للأسف شغلوهم بحماية الشخصيات“.

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على حشد من المحتجين الغاضبين في وقت متأخر مساء الخميس في بيروت حيث تصاعد الغضب الشعبي ضد النخبة الحاكمة التي تحكم بلدا يواجه انهيارا اقتصاديا من قبل الانفجار الهائل.

ويعد تجمع هذا الحشد الصغير، الذي رشق بعض أفراده قوات الأمن بالحجارة، مؤشرا على عودة لهذا النوع من الاحتجاجات التي أصبحت أحد عناصر الحياة في بيروت بعدما شاهد اللبنانيون تبخر مدخراتهم وانهيار عملتهم وتخبط صنع القرار الحكومي.

”أين الدولة؟“

قال توني عبده وهو عاطل يبلغ من العمر 60 عاما ”لا يوجد سبيل لإعادة بناء هذا المنزل. أين الدولة؟“.

ويقع منزل أسرته في حي الجميزة الذي يبعد بضعة مئات من الأمتار عن مستودعات المرفأ التي كانت تضم 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة التفجير منذ أعوام وهو ما كان يشكل قنبلة موقوتة بالقرب من منطقة ذات كثافة سكانية عالية.

وسبق أن قال مصدر أمني ووسائل إعلام محلية إن الحريق الذي تسبب في الانفجار نتج عن أعمال لحام في المستودع.

ووضع بعض مسؤولي المرفأ رهن الاعتقال المنزلي.

وانتشر متطوعون لإزالة الحطام من شوارع بيروت التي لا تزال تحمل ندوب الحرب الأهلية بين 1975 و1990 وشهدت عدة تفجيرات كبيرة واضطرابات منذ ذلك الحين.

وقال نسيم (66 عاما) ويعمل سائقا لسيارة أجرة ”هل لدينا حكومة فعلا هنا؟“.

وأضاف ”لم يعد هناك سبيل لكسب الرزق“ وذلك بعدما تحطمت سيارته بعد سقوط حطام أحد المباني عليها بينما كان يستعد لركوبها.

وبالنسبة للعديد من اللبنانيين، يجسد الانفجار أعواما من الإهمال من جانب السلطات بينما يتفشى الفساد.

وقال محمد خليفة (31 عاما) بعد صلاة الجمعة ”المشكلة هي هذه الحكومة وكل الحكومات التي سبقتها“

وقال مسؤولون إن الانفجار، الذي شعر الناس بالموجات الزلزالية الناتجة عنه على بعد مئات الكيلومترات، قد يسبب خسائر تصل إلى 15 مليار دولار وهي تكلفة لا يستطيع لبنان تحملها بمفرده حيث عجز بالفعل عن سداد ديونه الضخمة التي تجاوزت 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعثر محادثات بشأن مساعدة ضرورية من صندوق النقد الدولي.

ولم تعد المستشفيات، التي تضرر الكثير منها بشدة بسبب الموجة الانفجارية التي حطمت النوافذ والأسقف، قادرة على استيعاب أعداد المصابين. وكان الكثير منها يكافح بالفعل قبل الانفجار لتوفير ما يكفي من العملة الصعبة لشراء إمدادات.

وقال الطبيب عصام الحاج في مستشفى كليمينصو في بيروت ”عشت فترة من الحرب الأهلية وشاهدت الناس وهم يتعرضون لإطلاق النار أمام عيني. لكن لم أشهد من قبل رعبا كهذا“. وقال إن المستشفى عالج 400 جريح.

* البحث عن المفقودين

في منطقة المرفأ وضعت فرق الإنقاذ مصابيح للعمل أثناء الليل في محاولة للبحث عن المفقودين بينما تترقب الأسر التي يسيطر عليها التوتر وتفقد الأمل تدريجيا في رؤية ذويهم المفقودين مجددا. وقذفت قوة الانفجار بعض الضحايا إلى البحر.

وظهرت أم باكية على شاشة التلفزيون في أحد البرامج مساء الخميس لمناشدة السلطات البحث عن ابنها المفقود. لكن بعد ساعات تم العثور على جثته.

وقال جورج الكتاني الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني لإذاعة (في.دي.إل) المحلية إنه تم العثور على ثلاث جثث أخرى أثناء البحث فيما قال وزير الصحة يوم الجمعة إن عدد القتلى ارتفع إلى 154 فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين.

وعرض شربل عبريني، الذي كان يدرب العاملين في المرفأ، على رويترز صورا على هاتفه لزملائه القتلى.

وقال ”أعرف 30 من موظفي المرفأ الذين ماتوا. اثنان منهم كانا صديقين مقربين وهناك ثالث مفقود“.

وتحطم منزل الرجل البالغ من العمر 62 عاما بفعل الانفجار.

وتساءل ”كيف يمكنك العيش هنا؟ الاقتصاد صفر. لم يعد لي مأوى سوى أسرة زوجتي“.

ومن التحديات الملحة التي تواجه الحكومة توفير ما يكفي من غذاء للشعب بعدما دمر الانفجار صومعة الحبوب الوحيدة في البلد. وتعكف منظمات تابعة للأمم المتحدة على تسليم أغذية وإمدادات طبية.

كما تدفقت مساعدات فورية من الدول العربية والغربية والفاتيكان وغيرها. لكن حتى الآن لا يكفي أي منها للتصدي للتحديات الأكبر التي يواجهها بلد على شفا الإفلاس.
” رويترز”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد