«الصحة العالمية»: لا تقحموا سباق اللقاح في الصراعات الجيوسياسية

0 318

العالم الآن – ذكّرت منظمة الصحة العالمية بأن تطوير اللقاحات المضادة لـ«كوفيد – 19» يجب أن يستوفي جميع المواصفات والمعايير الدولية المعتمدة وحذّرت مجدداً من إدخال السباق العلمي لإنتاج اللقاح في الصراعات الجيوسياسية. وجاء تذكير المنظمة العالمية بعد ساعات قليلة، من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده سجّلت أوّل لقاح ضد «كوفيد – 19»، مؤكداً فاعليته وسلامته وخضوعه لجميع الاختبارات اللازمة.

واللقاح الروسي الذي كثر الحديث عنه مؤخراً، ليس مدرجاً بعد على قائمة اللقاحات الستة التي تعدها منظمة الصحة العالمية بلغت المرحلة الثالثة من التطوير التي تقتضي إخضاع اللقاح لاختبارات سريرية واسعة النطاق على البشر للتأكد من فاعليته ومعرفة العوارض الجانبية التي تنجم عنه.

وفيما أعربت أوساط علمية عديدة عن قلقها من اللقاح الروسي وتشكيكها في فاعليته لتجاوزه مراحل أساسية في التطوير والاختبار، قال مسؤولون روس إن التجارب الأساسية ستبدأ بعد تسجيل اللقاح الذي طلبت 20 دولة مليار جرعة منه، قالت المصادر الرسمية الروسية إن إنتاجها سيبدأ أواخر الشهر المقبل.

وفي سياق متصّل، حذّرت منظمة الصحة العالمية من تفاقم المشهد الوبائي في إسبانيا ودعت الدول الأوروبية إلى تعزيز تدابير الوقاية والاحتواء، خصوصاً خلال الفترة المتبقّية من فصل الصيف، حيث تشهد كل هذه الدول تقريباً ارتفاعاً مطرداً في عدد الإصابات اليومية والإجمالية والبؤر الوبائية الجديدة، وحيث أصبح بعضها في موجة ثانية من انتشار الفيروس الذي يميل الخبراء إلى الاعتقاد بأن تحوّلاً قد طرأ على بعض مواصفاته وأنماط سريانه، وربما على مدى خطورته.

وجاء في التقرير الدوري الأخير لمكتب الإقليم الأوروبي التابع لمنظمة الصحة أنه «رغم التدابير السليمة التي تطبّقها السلطات الصحية الإسبانية، يستمر الارتفاع في عدد البؤر والإصابات الجديدة بالوباء التي بلغت 60454 في الشهر الماضي، ما يدلّ على أن وتيرة انتشار الفيروس لا تزال عالية، الأمر الذي يقتضي عدم التراخي وتشديد إجراءات الوقاية والاحتواء وتنسيقها بشكل وثيق بين الدول المجاورة ومع المنظمات والهيئات الصحية الإقليمية والدولية».

ويقول خبراء المنظمة إن خطورة الوضع الوبائي في إسبانيا لا تتبدّى فحسب من البيانات الأوروبية الرسمية عن البؤر والإصابات الجديدة ومعدلات الانتشار، حيث تحتل إسبانيا المرتبة الأولى، بل أيضاً لدى المقارنة مع إيطاليا التي كانت البلد الأوروبي الأول الذي ضربه الوباء، إذ إن العدد الإجمالي للإصابات الجديدة في إسبانيا خلال الشهر الماضي بلغ ثمانية أضعاف العدد الذي سجلته إيطاليا التي يزيد عدد سكانها بنحو 13 مليوناً على إسبانيا.

لكن عند المقارنة تتضارب الآراء والتشخيصات بين الخبراء، إذ يرى البعض أن الخطورة المرتفعة للإصابات في إيطاليا مقارنةً بإسبانيا (267 وفاة مقابل 100 خلال الشهر الماضي) تستدعي التساؤل عن الأسباب وراء هذا الفارق الكبير وعن علاقته المحتملة بإدارة الأزمة.

بعض الإخصائيين مثل عالم الفيروسات آندريا كريزانتي، يميل إلى الاعتقاد بأن الفحوصات التي تُجرى في إيطاليا ليست كافية، أو أنها لا تُجرى في المكان المناسب. وتجدر الإشارة إلى أن عدد الإصابات الجديدة في إيطاليا لكل مائة ألف مواطن بلغ 7 في الأسبوعين المنصرمين، فيما بلغ 25 في البرتغال و27 في فرنسا و58 في بلجيكا و89 في إسبانيا.

ويقول خبراء منظمة الصحة إن استمرار حالة الطوارئ في إيطاليا قد ساعد بنسبة كبيرة في الحد من انتشار الوباء، إذ هو السبيل الوحيد الذي يتيح فرض القيود والتدابير المتشددة مثل إغلاق الأماكن والمباني أو العزل الانتقائي في بعض الأحياء أو المناطق، وذلك بشكل فوري عند ظهور إصابات أو بؤر جديدة. ويُذكر أن السلطات الإيطالية قد اتخذت مؤخراً سلسلة من التدابير لإغلاق العديد من المنتجعات السياحية وأماكن الترفيه والمطاعم في المناطق الساحلية فور ظهور الإصابات الأولى فيها، أو لعدم تقيّدها بتدابير التباعد والوقاية. وفي حال ظهور بؤرة وبائية جديدة تفرض السلطات الحجر الإلزامي على سكّان المبنى أو البلدة أو مكان العمل، وتُجري فحوصات للجميع ولا تسمح لأحد بمغادرة الموقع قبل التأكد من عدم إصابته بعد إخضاعه لفحصين متتالين تكون نتيجتهما سلبية.

رغم ذلك ما زالت هناك أصوات في إيطاليا تطالب بتشديد إجراءات الوقاية وتدابير المراقبة بعد ارتفاع عدد الإصابات اليومية الجديدة في الأيام الثلاثة الماضية، وتحسّباً لما قد تحمله الأسابيع المقبلة مع عودة الذين يُمضون عطلتهم الصيفية في الخارج، وبشكل خاص في فرنسا وإسبانيا واليونان. وتجدر الإشارة إلى أن حالة الطوارئ سمحت للجيش الإيطالي بمراقبة المناطق السياحية التي تشهد نسبة عالية من المخالفات لتدابير الوقاية مثل التباعد الاجتماعي واستخدام الكمامات العازلة والتجمعات الغفيرة.

وتدرس وزارة الصحة حالياً إجراء فحص إلزامي سريع عند نقاط الدخول لجميع الوافدين من الخارج، وفرض الحجر الصحي الإلزامي على الحدود لمن تثبت إصابتهم. وتجدر الإشارة إلى أن الفحوصات التي تُجرى حالياً تتمّ بالطريقة التقليدية عن طريق أخذ عيّنة من الأنف وتحتاج لما يقلّ عن ثماني ساعات حتى ظهور النتيجة، أو عن طريق فحص الدم بحثاً عن مضادات الأجسام، وهو فحص قد يحتاج لعشرة أيام حتى ظهور نتائجه. ويقول مسـؤول في الهيئة العلمية الإيطالية المشرفة على إدارة أزمة «كوفيد – 19»، إن البحوث الجارية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية أشرفت على تطوير فحص سريع عن طريق عيّنات من الفم أو الأنف تظهر نتائجه في غضون ربع ساعة.

وفي إسبانيا يزداد القلق في ضوء الأرقام الأخيرة، حيث تجاوز عدد بؤر الانتشار 600 نهاية الأسبوع الماضي، وبلغ عدد الإصابات الجديدة 8618 في الأيام الأربعة الأخيرة، منها 1486 إصابة في الساعات الأربع والعشرين الماضية. وأفادت وزارة الصحة الإسبانية بأن عدد الحالات التي استدعت العلاج في المستشفيات قد تضاعف أربع مرات خلال الشهر الماضي، فيما كان 70% من المصابين الجدد دون الثلاثين من العمر.
” الشرق الاوسط”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد