“غدا عندما أكبر ” كتب:عاطف أبوحجر – الاردن – عندما يبدع الكاتب والمخرج والممثلين

0 358

العالم الان – ضمن الموسم المسرحي لهذا العام ‘ عرضت مساء أمس على المسرح الرئيسي في المركز الثقافي مسرحية الأسرة والأطفال ” غدا عندما أكبر ” من تأليف وإخراج المبدع الأردني الفنان حيدر كفوف .
أجزم بأني شاهدت عرضا مسرحيا كاملا متكاملا متضمنا جميع قيم الحب واللطف والإبداع والجمال . وهذا ما أجمع عليه كل من شاهد هذا العرض الاستثنائي
فقد تجلت بطلة العرض أريج دبابنة بدور بتول ومثلها الفنانة الكوميدية المحبوبة مي الدايم بدور سحر . بينما كان والدهما الفنان الكوميدي والساخر حيدر كفوف بدور الأب أيقونة الكوميديا المحترمة . هذه الكوميديا التي تحاكي ما ينتظره الأطفال من أهل الاختصاص .
ضربت دقات المسرح الثلاث الساعة السابعة مساءا وجمهور الصالة كالطير على رؤوسهم ينتظرون الكثير الكثير من هؤلاء الأقطاب الثلاثة
وبالفعل تحقق الأكثر مما كان ينتظرون . وبتعريج عاجل وسريع على فلسفة النص المكتوب نجد أن هذا النص السيكولوجي الخطير الذي غزله حيدر كفوف لفلذات أكبادنا ما هو الا نبوءة واستشراف لما يفكرون به أطفالنا وماذا سيكونون غدا عندما يكبرون ‘ ومن هنا بدأت فكرة هذا النص العبقري السيكولوجي . الذي اجتاز بل تجاوز كل الأطروحات الكلاسيكية في التعامل مع طفل اليوم ، فلم يعد مكانا في زمن التقنية الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي لتلقين الطفل عظمة المسرح وجماله ورسالته بشكل مباشر وسطحي ‘ وهذا ما تمرد عليه حيدر كفوف ليجعلنا نشاهد ما يزيد عن الساعة روائع ارتقت لعقل وذكاء ووجدان الطفل ‘ وسمعتها بأذني من العديد من الأطفال بعد انتهاء العرض بأنهم شاهدوا عرضا مدهشا وتمنوا بأن يطول العرض على هذا الوقت الذي شعروا به أنه قصير ‘
فكرة النص والحوار المكتوب الذي ترجم الى عرض مسرحي مذهل تبناه الكاتب والمخرج بالشراكة مع أهم ثلاث أقطاب في المسرح الأردني بل والعربي .
تبدأ المسرحية ب الطالبة المراهقة بتول التي تستشعر المستقبل بعبث ووهم يسيطران على وجدانها ‘ فتختزل الطب وعظمته وصعوبة وصول صاحبه لبواباته بمريول طبيب وتختزل مضيفة الطيران ومسؤولياتها الصعبة والجمة بزيها الجميل وتختزل العديد من المهن بازيائها فقط بعيدا عن سماتها وصفاتها ودرجات تأثيرها في المجتمعات ‘ لنى بتول تستعرض ملابس المهن كعارضة للأزياء ‘ مرة ترتدي لباس طبيبة ومرة ترتدي لباس مضيفة ومرة ترتدي زي العسكر ‘ لنكتشف فيما بعد بأنها تخاف من مهنة الطبيب وترتعد خوفا من ركوب الطائرة .. ومن هنا تبدأ المناورات بينها وبين شقيقتها سحر (مي الدايم) من جهة وبين والدها (الفنان حيدر كفوف ) من جهة أخرى .. فيحاولا أن ينصحاها لأن تعود عن هذه هكذا سلوكيات وهمية وعبثية تحاكي نبوءات مشوشة ومضطربة لا تمت لجوهر الطموحات والأحلام بصفة .. فيلجأن (سحر والأب) لسيناريو قامت برسمه وتخطيطة سحر وهو أن تقوم بتول بلحظة معينة بفرك فانوس خردة قديم كانت قد اشترته سحر قد يكون هذا الفانزس هو فانوس علاء الدين الذي يخرج منه المارد ويحقق الامنيات لمن يفركه .. وهذا الاستستهال والإستمراء في اغتيال الجد والاجتهاد وتحمل المسؤولية الذي جنحت اليه بتول في هو الفلسفة الحقيقية الذي بنى عليه الكاتب مبررات حبكة العمل .
يتغير المنظر على المسرح لنشاهد بتزل تفرك الفانوس فيتحقق سناريو المارد الذي يخرج بالفعل من الفانزس بمشهد مسرحي مرعب زجمبديل يتسيده الأب حيظر كفوف الذي لعب لعبة اخرى داهل اللعبة المسرحية الرئيسية؛ فيظهر ماردا بصوت آجش رج أركان المسرح .. ويملي كمارد على بتول بل ويمرر بعض النصائح والإرشادات لتعود الى صوابها وتخت وطأة الخوف يملي على بتول إقرار مكتوب على الورق بأن تعزد الى رشدها .. وأن تلجأ في تحقيق أمنياتها الى الله عز زجل لا أن تلجأ للأوهام والعفاريت والعبث .
يذكر أن تصميم الإضاءة للمبدع محمد المراشدة وكلمات وأغاني المسرحية للفنان حيدر كفوف والموسيقى والألحان ل حسام الصباح وتصنيم الديكور وتنفيذه للفنان محمد المراشده ‘ ومساعد المخرج الفنان تيسير البريجي ومهندس الصوت الفنان سيف الخلايلة ‘ وأخيرا وليس آخرا نرفع القبعات لمن يحترم عقول أطفالنا بعد أن أصبح مسرح الطفل مهزلة لا تمت للطفل بصلة وميدانا للتجارة والربح الرخيص ‘ وشكرا لوزارة الثقافة لتبنيها نهج يحترمه الأطفال قبل الكبار

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد