تحليل فلسفي لماهيّة العملية التربوية والتعليمية- بقلم رامي عبيد

0 577

العالم الان – تعتبر العملية التربوية والتعليمية من أسمى العمليات على الإطلاق في حياة الفرد، حيث إنّ الغاية المرجوة من العملية التربوية والتعليمية هي خلق جيل مبني على أسس تربوية وتعليمية مثالية، وعليه فإنّ هذا الدور هو في الحقيقة تابع لطبيعة المعلم والمتعلم والمادة التدريسية، وبالتالي العملية التربوية تعمل وفق أسس واستراتيجيات فلسفية في عملية التربية وكذلك فإنّ العملية التعليمية تقوم على أسس واستراتيجيات تدريسية من أجل إتاحة الفرصة للمتعلم للحصول على تعليم أفضل، وبما إنّ التربية من المفاهيم التي نادى بها الكثير من الفلاسفة فإنّها في مستهل الأمر هي أساس يعتمد عليه المستقبل حيث إنّ الجيل الواعي يكون مستقبله واعد والعكس صحيح، والتربية ما زالت تهدف لإتاحة الطريق لتحقيق تنشئة مثالية للطالب، ومن الفلسفة التربوية التي اهتمت بشكل كبير في العملية التعليمية هي الفلسفة المثالية والواقعية والطبيعية والبراجماتية وغيرها، وفي النهاية كانت تصب كل فلسفة في غاية واحدة وهي التربية بطريقة تتناسب مع قيم المجتمع وتصل بالمستوى التعليمي للأفضل.
أن مفهوم التربية مفهوم أزلي، ويتوارث من جيلٍ لجيل، وهي أهم ركيزة اتكئ عليها الفلاسفة في وضع فلسفتهم، حيث تُعرف بأنها نظامٌ يضبط سير المجتمعات من خلال العيش ضمن سلوك معين بحيث يتلاءم مع سيرورة الحياة، في حين يعتبر التعليم مفهوماًمختلفاً عن مفهوم التعلم، فالتعليم يقوم على نقل المعرفة والحقائق للمتعلم، ويتكون التعليم من المتعلم والمعلم والمادة التدريسية، في حيث يُقصد بالتأهيل بأنها تهيئة المُؤهل إلى نظام جديد بحيث يكون قادراً على التعامل بالنظام الجديد والتكيف فيه، بينما التدريب هو إكساب المتعلم نهجاً جديداً بحيث يمتلك من التدريب المهارات المناسبة التي يمكنها تحقيق الأهداف المرجوة، ومن هنا فإنّ التربية هي إجبارية على الجميع، فالتربية هي ضرورية في حياتنا اليومية وبالتالي فإنّه إذ لم يكن هناك تربية لم يكون هناك بالأصل قيم ولا عادات ولا تقاليد، لأنه بالتربية يمكننا إكتساب تلك القيم من خلال التربية التي بواسطتها نقل تلك القيم من جيلٍ إلى جيل، وبهذا فإنّ التربية مسؤولية على كل من المجتمع،والأسرة والمدرسة والمعلم، وبالنسبة للفئة التي تستحق التربية والتعليم فهناك أكثر من فئة، فمثلاً هناك فئة ما قبل المدرسة يجب تربيتها وتعليمها وفق نمط معين، وكذلك فئة المدرسة، وكذلك فئة المراهقة، كل فئة بحاجة لتربية ولكن تختلف التربية من جيل إلى جيل وكذلك النمط التعليمي يختلف أيضاً، حيث أنه من الضروري أن يكون هناك تصنيف لكل فئة، حيث أنه من خلال معرفة خصائص الفسيولوجية والنفسية والعقلية لكل فئة يمكننا التعامل مع الطلاب بطريقة أسهل وأفضل، فمثلاً أسلوب التعزيز الايجابي والسلبي مثلاً مفيد لفئة ما قبل المدرسة وخلال المدرسة، ولكن في مرحلة المراهقة فأنه من الأفضل أن يكون هناك نمطاً متطوراً في عملية التعزيز، وكذلك فإنّ يتطور الطالب من الناحية الذهنية والعقلية مما يتطلب أسلوباً جديداً ومتطوراً في التعامل معه، كما وإنّ التربية والتعليم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنمو الفرد، أمّا بالنسبة لقبول الطلبة في المؤسسات التعليمية بواسطة امتحان أرفضه تماماً، لأن الهدف من العملية التعليمية بالإساس هي تنشئة الفرد وفق نظام تعليمي وتربوي مثالي وبالتالي لا داعي لها أن يُمتحن الطالب لقبوله في المؤسسة؛ لأن دورها يكمن في تأهيل الطالب تربوياً وتعليماً سواء كان نسبة الذكاء لديه كبيرة أو متوسطة، ولكن بينما لو كان هناك مؤسسات تعليمية للتربية الخاصة فأنه من الضروري أن يتم تقديم امتحانات لفئة التربية الخاصة ولكن لا يقتصر الأمر على ذلك وإنّما أيضاً تشخيصهم في العديد من الأمور، ومن ثم يتم تحديد المشكلة التي لديه ومن ثم معالجتها.مهنة التدريس هي مهنة سامية ويرتقي لها الكثير من المعلمين والتربويين، ويكرس الكثير من الفلاسفة والعلماء في هذا المجال، كونه مجالاً مهماً وكونه له أهمية كبيرة في حياتنا اليومية.
ومن أهم أهداف مهنة التدريس خلق جيل جديد بفكرٍوقيم تتلاءم مع مجتمعه، وكذلك خلق جديد مُدركاً للعديد من الحقائق والمعرفة، فالمعلم بأسلوبه التربوي والتعليمي قادراً على تهذيب سلوك الطالب وتنشئته على الأخلاق الحميدة، والمدرسة هي البيت الثاني وهي المسئولة عن تربيته وفق نمط تربوي مثالي، بحيث يتم ضبطه ضمن نظام تعليمي، فالتدريس لا يقتصر على نقل المعرفة والمعلومات للطالب وإنّما تحقيق الكثير من السمات التربوية للطالب، فمهنة التدريس ليست مجرد وظيفة للمعلم وإنّما هي وظيفة صعبة للمعلم، ولكن يتم في الجامعات تأهيل المعلمين ليكونوا قادرين على خلق جيل واعد وبالتالي فأن المعلمين في العملية التعليمية يستخدمون الوسيلة التعليمية والإستراتيجية المناسبة والتي يمكنها تحقيق الأهداف المرجوة وكذلك تجعل المعلم قائداً تربوياً ومُحفزاً للطالب وذلك يعود لكيفية إتقان المعلم لعمله، ومن هنا ينبثق مفهوم المعلم الجيد وهو المعلم الذي يحاول التركيز في عمله جيداً، بحيث يمكنه الاهتمام بالعملية التعليمية بشكل كلي تاركاً خلفه أي شيء شخصي أو عائلي بحيث يُركز بتعليمه بالطريقة المثلى، كما وأنه يمكنه أن يختار الاستراتيجية المناسبة في كيفية طرح الأفكار وشرح الدرس وتحقيق الأهداف المرجوة، بحيث تتنوع الاستراتيجيات والأساليب التعليمية، كل هذا يساعد في جعل المعلم أكثر حيوية وأكثر فعالية في التدريس، كما من الضروري أن يقوم المعلم بالتعامل مع طلبته وفق تعامل جيد، بحيث يكون لكل ظرف وموقف سلوكاً معيناً، فمثلاً يجب أن يتعامل المعلم مع طلبته وفق التعزيز الايجابي والسلبي، فمثلاً حينما يُخطيء الطالب يمكن تعزيزه ايجابياً، فإذ لم يفلح الأمر فيجب تعزيزه سلبياً وفي كلتا الحالتين تُحقق النتائج المطلوبة، وكذلك يجب أن يتصف المعلم بروح الدعابة في أجزاء من الحصة من أجل تنشيط الطلبة من جديد، فالمعلم حينما يكون قائداً تربوياً فأنه سيكون قدوة لطلبته وبالتالي سيحبونه كثيراً وهذا سيجعلهم يميلون للمادة التعليمية التي يُدرسها المعلم بحيث تتحسن درجاتهم التحصيلية بطريقة أفضل ومتطورة جداً، وحينما يكون هناك معلمين جيدين فأنه سيكون هناك أيضاً مدرسة جيدة، وكثيراً ما يتداول بين الناس حول أن تلك المدرسة جيدة وتلك سيئة، وذلك لعديد من الخصائص، حيث أن المدرسة الجيدة أن تكون مؤهلة من جميع المجالات من المجال العمراني والتصميمي بحيث يكون هناك توافق بين التصميم العمراني ومتطلباته، من حيث مساحة الصفوف وبُعد السبورة عن الطلاب وعدد الطلاب في الصف وكذلك بالنسبة لدورات المياه والساحة الرياضية ومقدار اهتمامها بالبيئة من حيث اهتمامها بالأشجار والتربة وغيرها، وكذلك حسب كفاءة المعلمين وإخلاصهم في العمل.
ومن هنا ترتكز العلاقة بين المعلم والطالب وخصوصاً في أن تكون مثالية من ناحية تقديم المعلم المعلومات والسلوكيات للطالب وكذلك أن يكون الطالب مستمعاً جيداً وكذلك مستقبلاً للمعلومة بشكل أفضل، ويرتكز عليه أن يهتم بدروسه وهذا ما يجعل المعلم يهتم بتعليمه، فهناك علاقة وثيقة بين المعلم واهتمام الطالب بالتعليم، ومن هنا نجد بأن العلاقة مثالية بين المعلم والطالب وكذلك بين المربي والطالب، لأنهم يسعيان لتحقيق الأهداف المرجوة من التعليم، وحينما يجد الطالب بأن هناك تنوع في الأسلوب واستخدام أساليب وأنماط تعليمية جديدة من قبل المعلم فأنه سيهتم جيداً بالتعليم ويصبح أقرب للتعليم من أي وقت آخر، في الحقيقة فإنّه من الضروري من قبل المعلم أن يكون هناك احترام من قبل الطالب لمعلمه وتأكيداً على ذلك قول الشاعر الراحل أحمد شوقي “كاد المعلم أن يكون رسولاً” وفي الحقيقة هي أن المعلم هو رسول للطالب بحيث ينقل له المعلومات والمعرفة والحقائق بطريقة مثلى، وهناك العديد من الأقاويل التي تشير إلى تقدير المعلم، وفي الحقيقة هناك اختلاف بين بيئة وبيئة داخل الدولة، وبالتالي فأنه من الأفضل أن يكون جهاز التربية في الدولة قطرياً بسبب الاختلاف في نهج ونمط الحياة في منطقة عن منطقة، وبهذا فإنّ جهاز التربية يطمح بخريج يتميز بقدرته على القيادة وأن يعمل على توظيف المهارات التي اكتسبها خلال فترة تعليمه، وأن يعمل ويجتهد على نفسه أيضاً وأن يقوم بتوظيف قدرته على التعلم بطريقة أكثر ويجب أن يكون الخريج مؤهلاً لما هو قادم عليه.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد