واشنطن ترسل تعزيزات إضافية الى الشرق الأوسط بعد تهديدات إيران بالرد على اغتيال سليماني

0 260

العالم الآن – أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أنّ الضربة الصاروخية التي أمر بشنّها فجر الجمعة في بغداد وأسفرت عن اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني كان هدفها “وقف” حرب وليس بدئها بين بلاده وإيران التي توعّدت الولايات المتحدة بـ”ردّ قاس”، ما يثير الخشية من نزاع مفتوح بين البلدين.

وبعيد ساعات من مقتل سليماني قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لوكالة فرانس برس إن الولايات المتحدة بصدد نشر ما يصل إلى 3500 جندي إضافي في المنطقة لتعزيز أمن المواقع الأميركية.

وتوعّدت إيران الجمعة بالردّ “في الوقت والمكان المناسبين” على اغتيال قائدها العسكري الكبير في العراق على أيدي الأميركيين.

وحذّر العراق من “حرب مدمرة” بعد إقدام طائرة أميركية مسيرة على اغتيال سليماني والقيادي الكبير في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس عبر استهداف موكبهما قرب مطار بغداد بصواريخ، ما أدى الى مقتلهما على الفور، بالإضافة الى أشخاص آخرين.

وأثارت العملية الأميركية التي نفذت بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قلقا في العالم ودعوات الى ضبط النفس.

وكشف مسؤول عسكري أميركي لوكالة فرانس برس أن العملية نفذت ب”ضربة دقيقة لطائرة مسيرة استهدفت سيارتين قرب مطار بغداد” كانتا ضمن موكب سليماني والمهندس.

وكان سليماني (62 عاما)، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري، الجيش العقائدي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وموفد بلاده الى العراق وسوريا ولبنان للتنسيق مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران فيها.

وكان المهندس رسمياً نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يشكل جزءا من القوات العراقية ويُعد موالياً لإيران، لكنّه كان يعتبر على نطاق واسع القائد الفعلي للحشد.

وروى مسؤول محلي أن المهندس جاء الى المطار لاستقبال سليماني، “الأمر الذي لا يحصل عادة”. “استقبله مع زائرين آخرين، قبل أن تستهدف سياراتهم وتصاب”.

وقال ترامب في تغريدة على موقع “تويتر”، “الجنرال قاسم سليماني قتل أو أصاب آلاف الأميركيين بجروح بالغة على فترة طويلة وكان يخطط لقتل عدد أكبر بكثير… لكنه سقط!”، مشيرا الى أنه كان يجب أن يُقتل “قبل سنوات عدة”.

ولاحقاً قال ترامب إن إدارته لا تسعى إلى “تغيير النظام” في طهران بعد مقتل سليماني الذي وصفه بأنّه “الإرهابي الرقم واحد في العالم”.

وشدّد ترامب على أن الضربة كان هدفها “وقف” حرب وليس إطلاقها، مؤكدا أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني كان يخطط لهجمات “وشيكة” ضد دبلوماسيين وعسكريين أميركيين.

وقال الرئيس الأميركي إن “سليماني جعل من موت الأبرياء شغفا مرَضيّا له”، محذّرا في الوقت نفسه “الإرهابيين” من مغبة الانتقام من الأميركيين.

وتابع ترامب من منتجعه في فلوريدا حيث يمضي عطلة “سنجدكم. سنقضي عليكم. سنحمي دوما الأميركيين وحلفاءنا”.

وختم ترامب الرئيس الأميركي بالقول “أكنّ احتراما كبيرا للشعب الإيراني”، مضيفا “لا نسعى لتغيير النظام” في إيران.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن قاسم سليماني “كان يخطط لعملية كبيرة في المنطقة (…) كانت ستعرض حياة العشرات إن لم يكن المئات من الأميركيين للخطر”، مضيفا “كان هذا هو التقييم الاستخباراتي الذي وجه عملية اتخاذ قرارنا”.

ورأى الخبير الأميركي في المجموعات الشيعية المسلحة فيليب سميث أن الضربة هي “أكبر عملية تصفية عند رأس الهرم تقوم بها الولايات المتحدة، وهي أكبر من العمليتين اللتين قتلتا أبا بكر البغدادي وأسامة بن لادن”، زعيمي تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.

واعتبر رئيس وزراء العراقي عادل عبد المهدي أن الضربة الجوية الأميركية تشكل “تصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة” في العراق.

ووصف المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الضربة الجوية الأميركية ب”الاعتداء الغاشم”، معتبرا أنها “خرق سافر للسيادة العراقية وانتهاك للمواثيق الدولية”.

– “خطأ استراتيجي” –

وجاء في بيان للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أوردته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” أن “الهجوم الإجرامي على الجنرال سليماني، كان أكبر خطأ استراتيجي للولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، وأن الادارة الأميركية لن تفلت بسهولة من تداعيات حساباتها الخاطئة”.

وأضاف البيان أن “على المجرمين أن يترقبوا انتقاما قاسيا في الوقت والمكان المناسبين”.

وكان مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي الذي زار منزل سليماني معزيا، توعد “بانتقام قاس”. وأعلن الحداد الوطني لثلاثة أيام في البلاد.

وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص في طهران وفي مناطق أخرى تنديدا “بالجرائم” الاميركية، كما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس، وهم يهتفون “الموت لأمريكا”.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن “الأمة الإيرانية الكبيرة والدول الحرة الأخرى في المنطقة ستنتقم من أميركا على هذه الجريمة البشعة”.

كما صدرت دعوات في العراق للرد على العملية الأميركية، فأمر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر باستئناف نشاطات “جيش المهدي”، أبرز قوة مسلحة شيعية قاتلت القوات الأميركية في العراق.

وقال أحد أبرز قياديي الحشد الشعبي هادي العامري “نناشد كل القوى الوطنية توحيد صفوفها من أجل إخراج القوات الأجنبية التي أصبح وجودها عبثا بالعراق”.

في لبنان، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله المدعوم من إيران “القصاص العادل من قتلته المجرمين الذين هم أسوأ أشرار هذا العالم سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم”.

وأعلنت طهران ظهرا تعيين نائب قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني خلفا لسليماني الذي كان مكلفا العمليات الخارجية لإيران.

وفي مؤشر إضافي على الخشية من حصول تصعيد، دعت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين إلى مغادرة العراق “فورا”.

وأعلنت وزارة النفط العراقية أن العديد من موظفي شركات النفط العاملة في العراق من “حاملي الجنسية الأميركية غادروا العراق استجابة لطلب حكومتهم”.

ولم تشر إيران الى تفاصيل نقل جثمان سليماني الى البلاد. إلا أن الحشد الشعبي أعلن أن جثماني سليماني والمهندس سيشيعان غدا السبت في بغداد، ثم ينقلان الى مدينة كربلاء، ثم الى مدينة النجف في جنوب البلاد حيث سيوارى المهندس الثرى.

وسيلتئم البرلمان العراقي الأحد. وصدرت دعوات من داخل المجلس لجمع تواقيع نواب للمطالبة بأن يبحث البرلمان في التواجد العسكري الأميركي في البلاد الذي يعد اليوم 5200 جندي.

وجاءت الضربة الأميركية بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران وللحشد الشعبي على السفارة الأميركية في العاصمة العراقية ما أعاد الى الأذهان أزمة السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن في طهران في 1979.

وتصاعدت في الشهرين الأخيرين الهجمات على قواعد عراقية تضم عسكريين أميركيين أسفرت عن جرح ومقتل عدد من العسكريين العراقيين، وصولا الى استهداف قاعدة عسكرية في كركوك شمال بغداد بثلاثين صاروخاً في 27 كانون الأول/ديسمبر، ما تسبب بمقتل مدني أميركي.

وقد ردّت الولايات المتحدة في 29 كانون الأول/ديسمبر بقصف منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب حزب الله، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي، ما تسبب بمقتل 25 مقاتلا.

وقالت سوزان مالوني، الخبيرة في معهد بروكينغز في واشنطن، إنّ “الإيرانيين أتقنوا دوماً كيف يردّون بإجراءات انتقامية مفصّلة على قياس مصالحهم، وهذا يعني بقاء النظام”.

وأضافت أنّه “تاريخياً، ابتلعت إيران ضربات وانتكاسات من دون الخضوع لإغراء الردّ بتهوّر. هذا البلد يعرف جيداً كيف يزرع غضبه وينتظر الوقت المناسب ليحصد ثماره”.

وتأتي الضربة الأميركية قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية الأميركية. وقد انقسمت الآراء حولها في واشنطن.

وقالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي (الحزب الديموقراطي) إن قتل سليماني في ضربة أميركية يهدد بإحداث “تصعيد خطير للعنف”.

بدوره قال نائب الرئيس السابق جو بايدن، الأوفر حظًا للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي إلى الانتخابات الرئاسية المقرّرة في تشرين الثاني/نوفمبر إنّ “الرئيس ترامب ألقى لتوّه إصبع ديناميت في برميل بارود، وهو مدين للشعب الأميركي بتفسير”.

في المقابل، كتب السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام على “تويتر”، “أنظر بتقدير إلى العمل الشجاع للرئيس دونالد ترامب ضد العدوان الإيراني”، مضيفا “أقول للحكومة الإيرانية: إذا كنتم تريدون المزيد فستحصلون على المزيد”.

– ردود فعل –

وعبّرت دول عدة عن قلقها من حصول تصعيد.

وأعلن قصر الإليزيه الجمعة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيبقى على “اتصال وثيق” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين لمتابعة الوضع في العراق “وتجنب تصعيد جديد خطير للتوتر”، وأنه دعا “كل الاطراف الى ضبط النفس”. وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي مع بوتين.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى ضبط النفس بعد اغتيال سليماني.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية “مع معرفة ما يتعرض له أمن المنطقة واستقرارها من عمليات وتهديدات من قبل الميليشيات الإرهابية تتطلب إيقافها، فإن المملكة وفي ضوء التطورات المتسارعة تدعو إلى أهمية ضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بما لا تحمد عقباه”.

وذكرت الوكالة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تلقى اتصالاً هاتفيًا من بومبيو تمّ خلاله “استعراض تطورات الأحداث في العراق والجهود المبذولة لنزع فتيل التوتر في المنطقة”.

وأعلنت شركتا “الملكية الأردنية” و”طيران الخليج” الجمعة تعليق رحلاتهما المتجهة إلى بغداد في إجراء احترازي.

وسارت تظاهرات منددة بالضربة الأميركية في لاهور في باكستان.
” ا ف ب “

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد