البعض يحتاج ” فياجرا ” للأخلاق – د. عصمت حوسو – الأردن

0 591

العالم الآن – من الملحّ جداً اليوم أن نطالب جميعاً من اخترع دواء “الفياجرا” لإحياء الفحولة، أن يخترع للعرب فياجرا حديثة تُعيد إحياء الأصالة والشهامة والنخوة والرحمة والوطنية الحقّة، وغيرها من الصفات العربية الأصيلة ..

لأنه من المعيب جداً ما يحدث حالياً من خلف الشاشات ونحن نعاني الأزمات من جميع الجهات، فما أن يطفو أي حدث على الملأ، صغيراً كان أم كبيراً، يتم تداوله بسرعة البرق وكأنه قضيتنا الوطنية الوحيدة !!

في الأيام القليلة الماضية تداول أهل الأردن من المحافظات كافة قصة (الشرشف)، وبدأت المساخر بأشكالها المنوّعة، وغطّى شرشف “الكِنّة هدى” الهمّ الوطني، لا ستراً بل هزلاً . وقبلها كانت القصة الأوسع انتشاراً آنذاك، تلك الفتاة في اعتصام الرابع، حيث تم انتهاك حياتها الشخصية بالتفاصيل الدقيقة للأسف الشديد، ثم عادوا بعد ذلك لقضايا الفساد من جديد. كل ذلك وأكثر يحدث يومياً خلف شاشة الهاتف الذكي على جميع وسائل التواصل الاجتماعي؛ فما أكثر المنظرين والمنظرات، والمنتقدين والمنتقدات، والمتفلسفين والمتفلسفات، أولئك أصحاب الأقوال لا الأفعال..

هل من الرجولة أو حتى من الأخلاق انتهاك حرمة البيوت والتشهير بخصوصيات الآخرين وأدق تفاصيل حياتهم؟؟ هل انتهت مشاكلنا في الوطن واقتصرت على ضياع شرشف الحجة؟؟ لماذا نتوقع الأسوأ ونبدأ بالتشكيك في أي حدث وطني؟؟ لماذا لا ننتظر المؤسسات الرسمية القيام بدورها وبعد ذلك نطلق أحكامنا وتقييماتنا؟؟ لماذا يتم إجهاض أي مبادرة قبل خروجها الى النور؟؟ هل هذا ما نحتاجه الآن وما يحتاجه الوطن في هذه الأيام الحرجة المتخومة بالأزمات الواقعة على رؤوسنا جميعاً ؟؟

مهما كان الفاسد كبيراً تأكدوا تماماً أن هناك من هو أكبر منه، ونحن في دولة قانون مهما عبث بها الفاسدون، ولا بدّ للحقيقة أن تنجلي مهما طال عليها الزمن..

فإن كنتم تريدون ( دولة مؤسسات) تصرفوا بأخلاقها على مستوى فردي في أقل تقدير، وابتعدوا عن التنظير “الافتراضي” الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع، وأوقفوا اغتيال الشخصيات القميء، واجعلوا من أفعالكم تسبق أقوالكم وتفوقها، وأتقنوا أعمالكم وحلّلوا أجوركم قبل أن تنتقدوا غيركم، فعملية الإصلاح هي عملية ” تشاركية” بين الشعب والحكومة ولا تقتصر على الأخيرة فقط..

صحيحٌ أننا بأشدّ الحاجة اليوم الى ما يرفّه عن نفوسنا ويخفّف أوجاعنا؛ فلا ضير بقليلٍ من الفكاهة، لكن ليس على حساب الآخرين وخصوصياتهم أو على حساب قضايا الوطن؛ فذلك لا يليق بأخلاقنا..

إن كان ما ذُكر أعلاه صعبَ التطبيق؛ اعتقد أننا يجب أن نتقدم بطلب رسمي لشركة تصنيع الفياجرا، لتصنّع نوعاً مُطوّراً منه يزيد من جرعة الأخلاق لدى ( البعض) بعد تناولها، ويزيد لديهم حسّ الانتماء الأصلي والولاء الحقيقي للناس وللوطن؛ على الرغم أن الدين هو أساس الأخلاق، ولكن هيهات من تجّاره ..

نعود هنا إلى شعر “غازي القصيبي” ونعيد ما قاله: “يا مخترع الفياجرا العظيم، يا من صنعتَ بلسماً قضى على مواجع الكهولة، وأيقظَ الفحولة، أما لديكَ بلسماً يُعيد في أمّتنا الرجولة ؟؟!!”

وهنا نضيف الى ما أسلفه، توكيداً على ما قاله لا تطاولاً عليه؛ يا مخترع الفياجرا العظيم، أما لديكَ بلسماً يُعيد في أمّتنا الأصالة والشهامة، أما لديكَ سحراً يُحيي في عروبتنا الأخلاق التي كانت تميّزها سابقاً وبنت عليها حضارتها الكبيرة ؟؟!!

للمرة الألف بعد المليون نقول ونؤكد؛ لا يمكن أن ينجح أي إصلاح إلاّ عندما يبدأ بإصلاح الذات أولاً، فالثورة التي نحتاجها فعلاً هي “ثورة نفسية” بالدرجة الأولى، تبدأ بالقاع نحو القمة، أولها الأخلاق وآخرها الأخلاق،، هذا عنوان المرحلة التي يحتاجها الأردن اليوم، حاله كحال الوطن العربي الكبير…

في ظل انحطاط الفكر وتدهور الأخلاق لا بدّ أن يكون لنا من هذا الحديث قصة أخرى وبقية…دمتم…

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد