#كومستير … عهر إعلامي أم إستراتيجية مسبقة؟! – شادن صالح – الأردن

0 2٬264

 

العالم الآن – أصبح بديهياً لدينا ومن خلال المتابعة لأحداث ما يسمى ”ثورات الربيع العربي” أن الإعلام المرئي والمقروء والمجتمعي أيضاً كان وما زال الركيزة الأساسية التي تقوم عليها معظم هذه الثورات.
فبعد العديد من الثورات التي عصفت ببعض الدول العربية انتشرت مئات المحطات الإعلامية البعيدة عن الإعلام الرسمي تحت شعار ممارسة حرية الرأي والتعبير بدون اي قيود, ولكن سرعان ما تحولت هذه المحطات الى ساحة اقتتال واستقطاب للجهوية والطائفية والعنصرية وبثها على أكبر مساحة ممكنة بين الشعوب.
كل ذلك يعود الى الكم الهائل من القيود على الإعلام القديم، الأمر الذي دفع الشعوب الى البحث عن وسائل إعلام تستسقي منها الأخبار كمواقع التواصل الاجتماعي والهروب الى العالم الافتراضي, واستخدم هذا الاعلام للدعوة الى التظاهر والاحتجاج في الشوارع والمطالبة بإسقاط الانظمة.

التفكير السطحي بما يدور من أحداث في الشرق الأوسط يقود الى انه وليد الأحداث في تلك الدول بداية مما حصل في العراق مرورا بكل الدول التي شهدت هذه التظاهرات والانقلابات. لكن بالعودة الى جذور هذه الظاهرة نجد أن كل هذا ما هو إلا مخطط استعماري لتفتيت العالم الإسلامي يكون فيه على الأرجح قوة عالمية هي المطاع الآمر الناهي, وتتجلى هذه الصورة في تقديم برناند لويس التعبير عن مصطلح ”صدام الحضارات” التي جاء بها ”صموئيل هنتينجتون” حين قال صراحة في كتابه: “هذا ليس أقل من صراع بين الحضارات، ربما تكون غير منطقية، لكنها بالتأكيد رد فعل تاريخي منافس قديم لتراثنا اليهودي والمسيحي، وحاضرنا العلماني، والتوسع العالمي لكليهما”.

وعلى إثر ذلك قدم لويس مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف الى التفتيت والانقسام ووافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية عام 1983 على مشروع لويس، وبذلك تمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الإستراتيجية لسنوات مقبلة.

وتهدف تفاصيل المشروع لتفتيت العالم الإسلامي بالعمل على تسعير حرب خليجية يستطيع الغرب من خلالها تصحيح حدود سايكس- بيكو بحيث يكون هذا التصحيح متسقا مع الصالح العالمي.

وبدأت السياسة لهذه الدول باتخاذ مناح عدة لتعزيز وجودها في المنطقة العربية وعن طريق سفاراتها وما يسمى منظمات المجتمع الدولي وزجها في النسيج العربي الاجتماعي تحت شعارات رنانة كحقوق المرأة والطفل والشباب وبما يتماشى -حتماً- مع سياساتها وأهدافها في المنطقة.

هنا من الضروري ان نعرض مثالاً على دور هذه السفارات حين اعترفت بعض الدول الأجنبية صراحة أنها منحت بعض المنظمات والحركات 40 مليون دولار دون علم الحكومات، ناقضة بذلك كل الاتفاقات المبرمة بينها وبين الحكومات العربية تحت شعار «نشر الديمقراطية» وتغيير الأنظمة عن طريق الإضراب والمقاطعة والوقفات الاحتجاجية.

وبعد التغلغل في هذا النسيج وخلق ما يسمى بمنصات التواصل عمد الغرب الى جعلها باب جهنم مفتوح على المنطقة العربية من حيث تضخيم ملفات الفساد والمبالغة بوصفها. وبما انه فضاء مفتوح ومتاح للجميع فزاد من الاحتقان والغضب الشعبوي الذي أدى بالنهاية الى الفوضى والدمار, ويجدر بالذكر هنا ان البلاد التي اخترعت هذه التكنولوجيا نادراً ما تسيء استخدامها، ومع الأسف اننا بدلاً من توظيفها فيما ينفع الشعوب نستخدمها للدمار والخراب والتقسيم.
خلاصة ثورات الربيع العربي نراها في ندم الشعوب على ما اقترفته بأيديها مما أرجعها سنوات وسنوات الى الوراء وبدلاً من التغيير الاقتصادي والسياسي الأفضل الذي كان ترجوه من ثوراتها أصبحنا نرى الفقر والجوع والبطالة ودمار البنية التحتية والتهجير والنزوح.
وبنظرة عامة فان أطراف الحوار والنزاع أيضاً الآن هم دول غربية وإسرائيل وتركيا على أراض عربية, وأصبح الطرف العربي خارج اللعبة تماماً, ولا وجود له على الخريطة.

ولم تكن الأردن بمنأى عن هذه المخططات, لا سيما أن الاقتصاد هو العامل الأساس والجوهري في نهضة أو دمار الشعوب، فكانت السياسة تجاه الأردن لإضعافها اقتصادياً وإغراقها في ديون تعجز لاحقاً عن سدادها فتكون مضطرة لقبول سياسات من شأنها -ضمنيا- تمرير أجندات خارجية والضغط عليها لتنفيذ هذه السياسات على المنطقة بأكملها وبسهولة بعد غياب الأطراف العربية المؤثرة.
وها قد أصبحنا نرى أن الحراك في الأردن يفتقد لوجود الرموز والشخصيات السياسية والشعبوية الفاعلة التي تدعو لوحدة الصف فبدلاً من ذلك انتشرت الشخصيات التي تعود ارتباطاتها لسفارات أجنبية تدعو لمصالح هذه الدول وللمصالح الشخصية أيضاً.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد