أمنيات العقلاء – هيثم العجلوني – فلوريدا

1 774

العالم الآن – يتمنى العقلاء من ضمن ما يتمنون
حياة بلا تراشق ولا معارك ، لان الحياه بنظرهم اهم وأقصر من إضاعتها في إعطاء ذرائع للباحثين عن جدلٍ قليل الفائده ، كثير الصداع ومُخسّرٌ للخلّان ، بل يشتهون عوضاً عن ذلك اضائتها بما هو مفيد للنفس ويستقيم مع المنطق ،، لكن للضروره استثناءات رغم تناقضها مع رغباتنا ، يستخدم الروائي عادة كل ذكرى وكل مشهد وكل حادثه مرّت به في حياته ويبحث لها عن مكان مناسب في أعماله ، اما المهرّج فله تصوّرات مغايره ، شبيهة بتصور الاطفال لألعابهم ، فاذا ما عثر طفل على قطعه خشبية مثلاً يشبّهها على الفور بكائن حي ، قد تكون زرافة على سبيل المثال ، ويزعم باختيال انه صنعها بمفرده ، كما ويدَّعي جنابه بانه صاحب الفضل في طول عنقها ، وانها اي الزرافه ، تطير في النهار وان اذنيْها يتحولان في الليل الى قمرين منيرين ، هذا اذا تذكر أغنية ” على بابي واقف قمرين “! ! واذا سلّمنا بان الذاكره على سبيل الاختزال هي بحر الروائيين ، فأن التاريخ من اجل الجدل هو نهر السياسيين ،، بعد أربعين عاماً على الثوره الخمينيه ، وثلاثين اخرى على تمزِّق الاتحاد السوفييتي او سقوطه ان شئت ، وثلاثون مثلها على اشتعال النار في ثوب الوطن العربي ، وثلاثيناتٍ عديده على تقلّد طغاة للحكم مكان طغاة امضوا ثلاثيناتٍ ورحلوا ، لا يملك المرء الاّ ان يعلّق جرساً لاستثناءته ، وقد روى لنا التاريخ بان الامبراطوريات لا تتكرر في مركزها ، وان كل الامبراطوريات التي اندثرت ذهبت الى غير رجعهوعادت الى حجمها الطبيعي ، تكرس ثرواتها ومصادرها البشريه لبناء وإعمار بلادها الاصيله ، فتوفر على شعوبها دماءها ومطاردة الرغيف وحبة الدواء ، ولكن ثمة جهلة للتاريخ بين ظهرانينا ما زالوا يوزعون طموحاتهم رفقة مليشيات وفيالق في المنطقه ، يعيثون دماراً وقتلاً في سعيهم لاعادة تدوير تاريخهم المُشين والسيطره على ثروات الغير وسياداتهم ، ذلك كما تعلمنا ، ان الحلم والطموح الإمبراطوري المُحلّا بالشعر والتراتيل مرض ، لا يفرِّق بين الحرب والسلم او بين الخداع والصدق ولا بين الامس واليوم ، وهروبا من الجدل او ربما سعيا اليه ، قد يكون بني عبس اليوم يتفوقّون في التخلّف عن جيرانهم ، ولكن ” لمن يهمّه الامر ” فانهم في الواقع ليسوا جبناء ولا هم من مخلفات الماضي ، فلقد طوى الزمن الباب العالي منذ امد بعيد ، وسقط منذ زمن بعيد عرش قورش ومن قبله كِسْرى ! ولسنا بالمناسبه نقول كل هذا على خلفية قوميه او طائفيه ، لان هذا التعبير اصبح في تقديري مُنفّرٍ لكثرة ما استخدمه بائعوا الاوطان وتجار الدماء وحفّاري القبور ، بل للتذكير والتحذير على امل ان لا تغدو اجيالنا القادمه برمّتها حطباً لنيران الحروب وصراعات ( تحرير ) قد لا تنتهي الا بدمار الجميع في ضوء هذا التطور المرعب للسلاح والتكنولوجيا والعتاد الذي نشهده اليوم ! واخيراً ، لا يكف جاري المحيط عن تذكيري بأن بمقدور الريح ان تقلب صفحات التاريخ لكنها لا تقرأ !! …..🦅🌴.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة
تعليق 1
  1. صالح العجلوني يقول

    مقال تشخيصي احتوى على شيء من امنيات العقلاء التي تفسيدها دوماً أفعال المجانين و تضمن المقال عل flash back لما مر به العالم من تبدلات وتداخلات فعصفت بديار بني عبس …
    ومن المؤسف ان يكون الواقع الجميل امنيات يستحيل تحقيقها واما الخراب فالكل ينبري لترجمته على أرض الواقع..
    ابدعت با جار المحيط وسلامنا للأسماك التي حلت بحضرتكم .

اترك رد