إنها الرياضة … وكفى – منير حرب – الأردن …

0 11٬336

العالم الآن – الرياضة في زمننا هذا ليست ترفاً أو من الكماليات فهي قد تأتي من الاساسيات التي بدأ الناس بالتهرب منها. فهي التي تطرد السموم من الجسم وتحرق الغذاء المخزون في الجسم، وتجعل قوام الشخص متناسقاً مما يعطي انطباعاً جيداً لمن يراه ويزيد الثقة بالنفس، وكذلك تعطي صاحبها اللياقة المناسبة لكي ينجز مهامه. وكذلك تساعد على التوازن في افراز الهرمونات المختلفة داخل جسم الانسان وخاصة هرمون السعادة عند ممارسة الرياضة فتعطي الرياضي شعوراً بالسعادة، وكذلك تساعد الجسم على تنشيط الدورة الدموية مما يساعد خلايا الجسم على أن يصلها الدم والاكسجين، والموضوع لا يسعنا في مقال واحد أن نكتب عن فوائد الرياضة كلها.
فلو رجعنا في صفحات التاريخ للوراء لرأينا بلاد الفلسفة والفلاسفة قد اهتموا بها، فاليونان أول من أطلق مسابقة منظمة بالتاريخ وهي الاولمبياد التي كانت في أثينا.
ليس ذلك فحسب بل اهتموا بالابطال وكرموهم وعملوا لهم تماثيل ليخلدهم التاريخ.
وكذلك ديننا الاسلامي اهتم بالرياضة حيث ذكر بالحديث عن الرسول (ص): «المؤمن القوي خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف».
وأيضا في القول العربي المأثور: (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل) وهذا القول يحث الآباء على تعليم أبنائهم الرياضة التي تقوي أبدانهم وتزيد من صحتهم.
ليس هذا عند المسلمين بل كذلك عند الامم الحديثة مثل النازيين بألمانيا أيام الفوهرر هتلر فقد منع التدخين واهتم بالرياضة وبتقوية الاجسام وجعل الرياضة من أساسيات الشعب النازي آنذاك، فالعالم الحديث بدأ فعلاً بالاهتمام بالرياضة واصبح لها سوقاً تجارية ناجحة من أجهزة رياضية مبتكرة وأندية صحية حديثة.. وغيرها.
لا يختلف كثيرون حول أهمية الرياضة في حياة الدول ودورها الكبير في مناح كثيرة، ولم تعد فقط ملهاة للشعوب، ولا أداة لتنفيذ الكثير من المآرب غير الرياضية، وقد أدرك القادة والمفكرون وغيرهم ممن يمتلكون صلاحيات تنشيط الرياضة هذا الدور الحيوي منذ سالف العصور، فأخذوا يشتغلون عليه بذكاء تام ليؤمنوا له البيئة الصالحة كي يكبر ويتغلغل في تفكير الناس أجمعين.

ولهذا لم تغفل الأساطير منذ ملحمة جلجامش وحكايات الرومان ومعجزات الفراعنة، وصولا إلى فكر اليونانيين الذين أسسوا للأولمبياد القديم والحديث، أن يكون للرياضة تواجد مهم في دساتيرهم المكتوبة وغير المكتوبة، فشجعوها وعملوا عليها لبناء دولهم وترسيخ أساساتها بأشكال شتى، لأنهم آمنوا وأيقنوا أشد اليقين بأن الجسم القوي هو القادر على الصمود في أعتى المعارك، والقادر على بناء أضخم الأهرامات، واصطياد أكبر الحيوانات.

كثيرة هي قصص الرياضة من التاريخ القديم، ولكن أكثرها عجبا وإدهاشا ما يتم في العصر الحديث، وعصر التكنولوجيا المتطورة، بعد أن ازدادت القناعة بأهمية الرياضة ودورها المتنامي والمتشابك في أمور كثيرة، لتصبح رافدا تجاريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا، يساهم في دخل أكثر الدول دخلا في العالم.

لهذا قد لا تحتاج تلك الدول لدستور يصون لها تطور الرياضة وحق المواطن فيها، لأنها عرفت ما تريد وماذا يمكن أن تجني من وراء الرياضة، ووحده حذاء اللاعب كم يحتاج من معامل ومقاييس واختبارات لكي يتم تصنيعه، وقس على ذلك كرة القدم التي يحسب حجم الهواء فيها بدقة متناهية لكي يتم تحديد سرعتها، ناهيك عن بقية الصناعات الثقيلة كالسيارات والزوارق والمناطيد، والخفيفة منها كالدراجات النارية والهوائية وأدوات التزلج والغولف والكريكيت وغيرها الكثير.

صناعة البطل الرياضي تحتاج لأبحاث كثيرة فلم تعد الموهبة والهواية وحب الرياضة كافية لصناعة بطل أولمبي قادر على الإدهاش في الحلبة والميدان، ولم تعد الشجاعة هي المقياس، فهناك خطط يتم الاشتغال عليها، وعلم بيولوجيا الإنسان، لمعرفة ما يحدث في بنية جسمه من متغيرات قابلة للتطور، لكي يتم البناء عليها أكثر، لذلك يحتاج البطل وحتى الرياضي المتميز لكثير من العناية الطبية والغذائية والاجتماعية والنفسية وهذا أيضا يحتاج لإمكانيات كثيرة.

ولمن يريد أن يعرف أكثر فليقرأ كيف كان المعسكر الشرقي إبان الحقبة الاشتراكية كيف تصنع أبطال الرياضة، وبالمقابل كيف كان المعسكر الغربي يحاول التفوق عليه بطرق أكثر ابتكارا.

وعندما أدركت اليابان والصين ودولا أخرى، فائدة الرياضة، عملوا على هذا الجانب بمهارة أكبر ليسحبوا البساط من تلك الدول، وليكونوا مصدرين لكل الاحتياجات الرياضية في العالم.

تلك صورة عن الدول الكبيرة، والغنية، فما بال الدول الفقيرة في إفريقيا والبرازيل والمكسيك والصومال وإريتريا التي حاولت اللحاق بالركب ولكن بطريقة أخرى، ومختلفة، حيث لم تنتظر دستورا كي يصدر لكي تقوم بالاستثمار في الإنسان القوي والمهاري، لتقوم بتصديره إلى مختلف بقاع الدنيا وأندية العالم، فكم من لاعب برازيلي شق حياته من بين أنقاض الفقر، وكم من أثيوبي وأريتري وصومالي يجنون أرباحا طائلة لهم ولبلادهم التي تستفيد من عقودهم الخارجية، وحتى من تجنيسهم بدول أخرى وكانوا سفراء فوق العادة لدولهم.

كم ساهمت الرياضة في حروب، ومصالحات، وكم عملت على التهدئة والسلام، وكم من رئيس دولة وسياسي ومشهور جندوا من نفوذهم وشهرتهم لكسب استضافة بطولة عالمية وحدث دولي، من أجل دعاية ومردود وتنشيط للسياحة والاقتصاد في بلدانهم، والقيام بحركة إعمار وتجديد وتشغيل اليد العاملة.

كل هذا وغيره جعل من الرياضة أساسا في حياة الحكومات الباحثة عن التطور، والرافد الاقتصادي الذي يشكل قيمة مضافة، من دون الحاجة إلى كثير من البنود في الدساتير المكتوبة.

تلك هي الرياضة بأوجهها المتعددة، وبجوانبها المضيئة والحالكة، تساهم ولاتزال في القيام بدور أكبر مما كان مخطط لها.

إنها الرياضة التي أيقن كل ذي لب، وصاحب رأي حكيم، دورها وفائدتها فعمل عليها من أجل بلاده، ومواطنيه، وليرفع راية الانتصار خفاقة ومن ورائها يجني الكثير من المكاسب.

إنها الرياضة أيها السادة؛ أرقام فلكية في الصناعة والتجارة، والسياحة، والغذاء والصحة، وهي ليست الدوري فقط، وبطولة جمهورية مسلوقة، ولا بطولة مدارس مزورة.

إنها الرياضة التي يضمن الدستور وجودها ويسهل تواجدها وممارستها فقط، وعلى البقية العمل عليها بجد واجتهاد، وقوانين محكمة تضمن لكل ذي حق حقه.

إنها الرياضة التي تساهم في الرقي والمنافسة، بعيدا عن الخطابات الرنانة التي لا تشبع ولا تغني عن جوع.

انقضى زمن الكلام والنحيب على الماضي والتاريخ، ولابد من أكفاء يعملون على بناء رياضة حقيقية، حتى لو كانت موجودة بسطرين وبضع كلمات في فحوى الدستور.

علينا أن نعي أن اليوم ليس كالأمس، وأن المستقبل لن ينتظر كثيرا، وإذا لم نلحق بالركب، سنبقى نلهث وراء الإعانات الحكومية وإرهاق ميزانية الدولة، وكيف ندفع بلاعب أو رياضي آخر(نص كم) ليأخذ مكان موهوب لوجود واسطة معه.

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد