#كومستير.. كيف تصبح نجماً ومؤثراً في دقيقة – شادن صالح – الأردن

0 4٬616

العالم الآن – لا يحتاج أحد منا الكثير من العمل والإجتهاد والتعلم أو الدراسة والتعمق بشتى العلوم والمعارف أو حتى صقل المواهب والعمل على تطوير النفس والذات، فعلياً نحن لسنا بحاجة لأي مجهود يذكر أو تعمق في الفكر والتفكير لأن نكون مؤثرين ونجوم وأبطال … فكل ما ذكرت سابقاً هي طرق تقليدية عفا عليها الزمن بإعتقاد الكثيرين بل الأغلبية…
إن فكر أحد منا بأن بسطع نجمه بأي مجال حتى وإن لم يكن ذلك مجاله فالأمر بمنتهى البساطة والسهولة قد يأخذ منك دقيقة واحدة وقد يستغرق يوماً كاملاً في أصعب الظروف…
فحين نقول بأن هذا هو عصر الثورة المعلوماتية لا يعني فقط سهولة الحصول على المعلومة أو التوسع في المعارف والثقافة فقط… بل هذا يعني سرعة صناعة النجوم والأبطال بنفس السهولة والبساطة أيضاً…
تستطيع أن تقوم بكتابة منشور تشتم فيه رمزاً وطنياً وتعارض جميع ما هو متفق عليه … أو أن تقوم بإزدراء دين من الأديان مثلاً ولك أن تتخيل أنه بإمكانك أن تبث سمومك بمنشور على العالم الإفتراضي وتنفث عنصريتك وكراهيتك على الملأ لتبدأ سلسلة الشتائم والمشاركات والتحليلات وفي عضون دقائق تصبح سيرتك على كل لسان يتكلم بها القاصي والداني وبكل ما ذكرت سابقاً من سوء ومخالفة للمبادئ الإنسانية والاجتماعية والوطنية ستعمل على تشكيل شهرة سلبية منقطعة النظير وسيعرفك من لم يسمع بإسمك يوماً ولا تستبعد تلقيك دعوة للقاء بك والحديث عما قمت بكتابته وتحليل حيثياته … ” مبروك إسمك رنان الآن ” …
الفتيات وخاصة اللواتي يعرفن من أين تؤكل الكتف وبما أننا مجتمعات مأزومة بكل ما هو تابوه فتقرر إحداهن أن تصبح حديث العامة فتقوم بالتركيز عما تمتلك من مقومات ” جاذبة ” وإظهارها بشكل تسويقي جميل مع بعض الفلاتر التي تصحح ما بها من عيوب …. فيديو قصير تصوره ” الجميلة ” مع بعض الأنوثة المصطنعة الحارقة الخارقة وسيزداد ” الفولورز ” مئات وراء مئات وتستبقظ في اليوم الذي يليه وإذا بها نجمة سوشيال ميديا من العيار الثقيل وعروض لزيارة المطاعم وتجربة ما لذ وطاب وأخرى من محال للألبسة وهناك لمواد تجميل وهنا لبضائع وزيوت وأحذية ومنازل وسفر وسيارات وحدث لا حرج فالقائمة تطول…. وتبدأ القديرة ” الفاهمة ” حداً للواقع بإعطاء نصائح ومواعظ وتعلمنا كيف نعيش الحياة الصحية والسليمة اذا ذهبنا للجيم الفلاني او عند إستخدامنا للمشروب العلاني ….
لك أن تتخيل بعدها كم من المراهقين وغيرهم من الكبار أيضاً الذين يحلمون بأن يلتقوا بهذه ” الحسناء ” بل أنهم يستمعون لكل حرف تنطق به وبحذافيره وكأنه كلام لا شك فيه ولا تحريف ….

يستطيع إعلامي مغمور مطمور يفتقد لأي محتوى ولا يعرف من المهنة سوى ” الواسطة ” التي منحته فرصة أن يكون في هذه المهنة .. ولأن ” الإعلامي – أو الإعلامية – ” قرر أن يكون تحت الضوء أكثر فيقرر / تقرر أن ينسج بيتاً شعرياً وطنياً ” من الآخر ” يحيي به الجموع والشعوب في وقت لا تحتاج بلادنا فيه الا للهدوء فيلقيه على مسامعنا ويذهب بعدها لكافيه خمس نجوم يستمتع بالقهوة والأرجيلة فتبدأ عبارات التبجيل والتهليل له/لها وكأنه مخلص الشعوب ومحرر الأوطان مع إرفاقها بجملة “يسعد البطن الي حملك” … حتى أن حضوره لأهم المؤتمرات والنشاطات ومقابلة الشخصيات المهمة لا تساوي شيئاً إن لم يحضر هذا النجم الإعلامي ومقعده دائماً مع علية القوم….

هناك نموذج لا بد من ذكره في هذا الخضم من الأمثلة التي لا حصر لها ويندرج تحت هذا النوع أصحاب شعار ” صورني وأنا بساعد الناس” … لن تحتاج سوى لكمية من الملابس أو الأغذية النعلبة – والتي لن تدفع ديناراً واحداً من ثمنها- وقم بتغليفها وإذهب لأقرب مخيم أو ميتم وقم بتوزيع الطرود علىزالمحتاجين  مع ضبط عدسة الكاميرا جيداً عليك وتصويرك وأن تقوم بهذا الفعل الإنساني … قم بتوزيع هذه الصور على وسائل الإعلام ومواقع التواصل … وحتماً سأرى العام القبل صورك في الشوارع مرشحاً كنائب لهذه الشعوب التي لم تقدم لها سوى علبة الفول وصورة تذكارية..
حسناً كل ما ذكر ليس بغريب إن صدر من أشخاص لا يملأهم سوى الفراغ ويعتبر أمراً عادياً وأقل من ذلك … ما يثير الاستغراب والدهشة والغرابة في آن هو تعاطي وسائل الإعلام بكافة أشكالها مع هؤلاء الشخصيات ….

فكثير من وسائل الإعلام والتي تبحث عن لايكات مثلاً تقوم – وبكل ثقة – بنشر خبر عنوانه ” كيف تطفح الشوربة على طريقة أم بريص” ….
الداهية الأكبر هناك من يقرأ المقال بل ويهتم بما فيه ويطبقه أيضاً..
كنت موالياً أو معارضاً … إنسانياً أو شريراً …. مثقفاً أو فارغاً … رساماً أو مغنياً بصوت نشاز .. كل هذا لا يهم تستطيع أن تكون نجماً بطلاً مؤثراً … في دقيقة

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد