فيلم «بلا هيبة» يتناول رسائل توعوية وفي مقدمها التنمّر

0 267

العالم الآن – بمناسبة عيد الأضحى، تنطلق في صالات السينما اللبنانية، عروض الفيلم اللبناني «بلا هيبة»، وهو من بطولة الثنائي عباس جعفر وستيفاني عطا الله. وكان هذا العمل السينمائي، الذي كتبه وأخرجه رافي وهبة، وأنتجته شركة «فالكون فيلمز» لرائد وصبحي سنان، قد شكّل إزعاجاً لدى شركة «الصباح إخوان» منتجة المسلسل التلفزيوني الشهير «الهيبة» في أجزائه الثلاثة. فتقدمت برفع دعوى قضائية على منتجه بسبب استخدام الاسم والتعرض له بسخرية. ولكن الشركة المنتجة للفيلم ربحت الدعوى القضائية المقامة ضدّها من قبل «الصباح إخوان». وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكّد رائد سنان بأنّ ربحه الدّعوى، وتحولها لصالحه، كانت حتمية، إذ إنّ كلمة «الهيبة» موجودة في القاموس العربي، ولا يقتصر استخدامها على آل الصباح، وعلى المسلسل التلفزيوني الذي ينتجونه منذ 3 أعوام.
ويأتي هذا العمل بالنسبة لبطليه عباس جعفر وستيفاني عطا الله، بمثابة بطولتهما الأولى المطلقة في عمل سينمائي، يحمل الكثير من الرسائل التوعوية، والمقدمة في قالب بسيط وطريف يصلح لجميع أفراد العائلة بانسيابية مطلقة.
ويحاول كاتبه ومخرجه والممثل السوري رافي وهبة، ضمن نص عفوي وواضح، التطرق إلى مشكلات اجتماعية كثيرة، كالتنمر والوراثة السياسية وشهوة السلطة، وكذلك موضوعات اجتماعية أخرى، كالزواج بالإكراه، وغيرها.
وهو يحكي قصة الشاب محسن (عباس جعفر)، الملقب باسم «بلا هيبة»، نظراً للبساطة والسذاجة اللتين تسودان طريقة تفكيره وتصرفاته. وهو في المقابل مغرم بهيفاء، ابنة قريته، لكنّ عقبات كثيرة تقف في وجه زواجهما. فينقل المشاهد إلى أحداث درامية وكوميدية، وأخرى من الأكشن الطريف. ويشارك في هذا العمل الممثلان كميل سلامة ودارينا الجندي، ليساهما في رفع مستواه، من خلال أداء محترف يتمتعان به. كما يطلّ فيه كل من ميراي بانوسيان وسينتيا كرم وسلطان ديب وغيرهم.
وتتمثّل مفاجأة الفيلم، مع الكوميدي الصّاعد عباس جعفر، كاشفاً عن موهبة تمثيلية رفيعة المستوى يتمتع بها، ترتكز على كمية كبيرة من العفوية والأداء الطبيعي والتلقائي. وتبرز فيها خطوط شخصيته الحقيقية تارة، وتلك الخاصة بالدور الذي يجسده تارة أخرى، ليولّد مزيجاً قلّما نشهد مثيله في هذا المجال.
فكان لديه القدرة على إضحاك مشاهد الفيلم من دون مبالغة، وكذلك على ترك العنان لمشاعره المؤثرة ليتقاذفها مع جمهور، أبدى تعاطفه مع الشخصية التي يلعبها بشكل عفوي وغير متوقع.
أمّا شريكة عباس بالفيلم، ستيفاني عطا الله، التي تصف نصفها الثاني فيه بأنّه ممثل حقيقي يمثل بصدق ومن دون تصنع، فقد قدّمت دورها السينمائي الأول في «بلا هيبة»، بعد أن اختارته بعيداً كل البعد عن أدوارها الدرامية على الشاشة الصغيرة. فقد أرادته نقلة نوعية في عالم الـ«لايت كوميدي» ليدخل قلب المشاهد من دون استئذان، كما ذكرت في حديثها لـ«الشرق الأوسط».
نجح رافي وهبي في تشريح مشكلات، يعاني منها مجتمعنا اليوم، فعرضها ضمن حبكة نصّ سلسة، على الرغم من افتقادها في البداية إلى الإيقاع السريع والجذاب. ولتصل ذروتها في القسم الثاني والأخير من الفيلم، بعد أن طعّمه بالإثارة والحماس والرومانسية معاً.
ولعلّ «ضربة المعلم» التي يشهدها هذا العمل، تكمن في إطلالة كل من الممثلين كميل سلامة ودارينا الجندي. فالأول أدّى دور زعيم عشيرة تحت اسم «الختيار»، أعادنا إلى زمن البطولات التمثيلية الرائدة التي يشتاق إليها المشاهد في كل مرة يتابع فيها أحد أعماله القليلة في الآونة الأخيرة. فيما زميلته التي جسّدت دور شقيقته الحكيمة والمدعومة بخبرة طويلة، فقد نجحت في سرقة اهتمام المشاهد عنوة في كل مشهد تطلّ فيه. فتمثيلها الأنيق والمحترف ترك أثره على العمل بمجمله، ليتوجها بطلة «بلا هيبة»، ولكن من نوع آخر.
وركن المخرج إلى عناصر كوميدية، وأخرى درامية جذابة، تنبع من حياة القرية اللبنانية. يأخذنا مرة برحلة على ظهر الحمار، ومرة أخرى في زيارة إلى العمارة الهندسية اللبنانية العريقة، وكذلك إلى دكاكين وحوانيت وأزقة الريف اللبناني المطبوع بلوحات من طبيعته الخلابة. لتؤلف مجتمعة، توليفة سينمائية، تحمل في طياتها تكريماً لحقبة «عالبال» لا تزال تدغدغ ذاكرتنا.
ومع نهاية غير متوقعة للفيلم، ترسم ابتسامة كبيرة على ثغر مشاهده، يطالعك صوت عباس جعفر بأغنية الفيلم «ضلّك قلّن إيه وعمال اللي بدك ياه». وتخرج من صالة العرض وأنت تدندن كلماتها بصورة لا شعورية. فكاتب ومخرج الفيلم رافي وهبة، عرف كيف يقولب موضوعات الفيلم بأسلوبه السهل الممتنع، هو الذي سبق وقدّم نصوص مسلسلات معروفة كـ«سنعود بعد قليل» و«العراب» و«حلاوة الروح».

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد