عون في أول خطاب موجه للمحتجين: تغيير النظام لا يتم في الساحات

0 236

العالم الآن -أكد الرئيس اللبناني ميشال عون، في رسالة وجهها إلى اللبنانيين، أن «المشهد الذي نراه، يؤكد أن الشعب اللبناني هو شعب حي، قادر على الانتفاض، والتغيير، وإيصال صوته… ولكن الطائفية حطمتنا، ونخرنا الفساد حتى العظم، وقد تركنا من أوصل البلد إلى الهاوية دون محاسبة»، مؤكداً التزامه بمحاربة الفساد بشراسة، ونقل لبنان إلى ضفة الأمان والاستقرار.
وقال عون: «كان طموحي كبيرا، وما زال، لأن نتمكن من التخلص من الذهنية الطائفية التي حكمت البلد منذ وجوده، وهي أساس كل مشاكله، للوصول إلى دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون، ويصل كل صاحب كفاءة إلى المنصب الذي يستحقه، وتتحقق اللامركزية الإدارية التي تؤمن لكم الخدمات بشكل أسرع، وتسهل المراقبة المحلية. ولكنكم تعرفون، وتعرفون جيدا، أننا في بلد شراكة وديمقراطية. ورئيس الجمهورية، وخصوصا بعد (اتفاق) الطائف، بحاجة لتعاون كل أطراف الحكومة ومجلس النواب، ليحقق خطط العمل والإصلاح والإنقاذ، ويفي بالوعود التي قطعها أمام اللبنانيين في خطاب القسم».
وأضاف: «لا أقول ذلك لألقي المسؤولية على غيري. أنا في النهاية رئيس ومسؤول، ولم أوفر وسيلة لتحقيق الإصلاح والنهوض بلبنان. لكن الحقيقة أن العراقيل كثيرة، والمصالح الشخصية متحكمة بالعقليات، وهناك أطراف كثيرة اعتبرت أن الشعب لم يعد لديه كلمة يقولها، وأنها قادرة على فعل ما تريد، ويظل الشعب صامتا. ورغم كل الصعوبات، تمكنّا من تحقيق تقدم في مجالات كثيرة، وإن لم يكن بالحجم الكافي».
وشدد الرئيس عون على «ضرورة استعادة الأموال المنهوبة»، مشيرا إلى أنه تقدم بقانون لاستعادتها، وقال: «كل من سرق المال العام يجب أن يحاسب، لكن من المهم ألا تدافع طائفته عنه بشكل أعمى»، داعيا إلى كشف كل حسابات المسؤولين لكي يحاسب عليها القضاء.
من الممكن أنه لم تعد لديكم ثقة بالطبقة الحاكمة أو بالأحزاب، أو بمعظم مسؤولي الدولة، وهذا ما دفعني إلى التوجه للحكومة لدى انطلاقها، وخلال الإفطار الذي أقامه قصر بعبدا السنة الجارية، بوصية واحدة: «أعيدوا للبناني ثقته بدولته، لأنه كان واضحا من موقفكم من أي ضريبة محتملة أن الضريبة أصبحت بالنسبة لكم كالخوة التي تذهب ولا تعود وتضيع بين الهدر والفساد».
وأكد أن الورقة الإصلاحية التي أقرت «ستكون الخطوة الأولى لإنقاذ لبنان وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه، وهي الإنجاز الأول للبنانيين، لكن يجب أن تواكب بمجموعة تشريعات لأن مكافحة الفساد الحقيقية تكون عبر قوانين وبالتطبيق الصارم للقانون، وليس بالشعارات والمزايدات والحملات الانتخابية».
وإذ أشار الرئيس عون إلى «وجود مجموعة من اقتراحات القوانين في مجلس النواب متعلقة بإنشاء محكمة خاصة بالجرائم المتعلقة بالمال العام، وباسترداد الدولة للأموال المنهوبة، وبرفع السرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب وموظفي الفئة الأولى الحاليين والسابقين، وبرفع الحصانات عن الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وكل من يتعاطى المال العام»، دعا الناس إلى «رفع أصواتهم ومطالبة النواب بالتصويت عليها، حتى يصبح كل المسؤولين عرضة للمساءلة والمحاسبة القانونية».
وإذ أشار إلى أن «الإصلاح هو عمل سياسي بامتياز» أكد رئيس الجمهورية أنه «بات من الضرورة إعادة النظر في الواقع الحكومي الحالي، كي تتمكن السلطة التنفيذية من متابعة مسؤولياتها، وطبعا من خلال الأصول الدستورية المعمول بها». ودعا اللبنانيين جميعا «كي يكونوا المراقبين لتنفيذ الإصلاحات»، وقال: «الساحات مفتوحة دائما أمامكم، في حال حصل أي تأخير أو مماطلة. وأنا من موقعي، سأكون الضمانة وسأبذل جهدي لتحقيق الإصلاح».
وتوجه للمحتجين بالقول إن «صرختكم لن تذهب سدى، ككل الصرخات التي ملأت الساحات من قبل، وأعادت الحرية والسيادة والاستقلال للبنان. إن حرية التعبير هي حق محترم ومحفوظ للجميع، ولكن أيضا حرية التنقل هي حق لكل المواطنين ويجب أن تحترم وتؤمن». ودعاهم إلى أن «يكونوا المراقبين لتنفيذ الإصلاحات، والساحات مفتوحة دائما أمامكم، في حال حصل أي تأخير أو مماطلة. وأنا من موقعي، سأكون الضمانة وسأصارحكم بكل ما يحصل. وسأبذل جهدي لتحقيق الإصلاح».
ولفت الرئيس عون إلى أن «تغيير النظام لا يتم في الساحات بل من خلال المؤسسات الدستورية»، وأضاف: «صحيح أن نظامنا بات بحاجة إلى تطوير، لأنه مشلول منذ سنوات وهو عاجز عن تطوير نفسه، ولكن هذا الأمر لا يحصل إلا من خلال المؤسسات الدستورية. كما أنه حان الوقت لتغيير النموذج الاقتصادي ليصبح منتجا ويخلق فرص عمل»، مؤكدا للمعتصمين والمتظاهرين «أنه على استعداد للقاء بممثلين عنهم للاستماع إلى مطالبهم، وفتح حوار بناء يوصل إلى نتيجة عملية وتحديد الخيارات التي توصلنا إلى أفضل النتائج»، معتبراً أن «الحوار هو دائما الطريق الأسلم للإنقاذ. وأنا بانتظاركم».

” الشرق الاوسط”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد