رئيس الوزراء يؤكد رفض الأردن مواجهة فيروس كورونا بفكرة مناعة القطيع

0 291

العالم الآن – تالياً نص كلمة رئيس الوزراء:
إخواني وأخواتي الله يصبحكم بالخيريعطيكم الصحة والعافية.
تابعنا جميعا باهتمام وترقب الارتفاع في حالات الإصابة بكورونا على مدار اليومين الماضيين.
وجميعنا مهتم وقلق من هذه التطورات لآنها تمس كل فرد، وبيت، ومكان عمل والوطن كَكُل.
الأردن ليس البلد الوحيد الذي يواجه هذه الموجة الجديدة في إصابات كورونا، العالم بأسره منخرط اليوم في نقاش ساخن حول أي السبل هو الأنجع في مواجهة كورونا: الإغلاق أم التعايش والتكيف؟والعديد من دول العالم والإقليم تقف اليوم أمام لحظة فارقة.. هل تستمر في أسلوب التكيف مع الوباء أم تعود لفرض الإغلاقات؟من الضروري أن نتذكر مرتكزات تعاملنا مع وباء كورونا وانعكاساته المعقدة والممتدة زمنيا، حتى يكون واضح للجميع الاستراتيجية التي نعمل على أساسهافي مواجهة كورونا وأي تحد آخر فإن الأردن، وبشكل مبدئي ثابت، يرفض فكرة مناعة القطيع، فمناعة القطيع تعني البقاء للأقوى واللهم نفسي في ظل فراغ في القيم المجتمعية والتشريعات التي تسعى لحماية الأضعف.
هذا النوع من التفكير لا مكان له في بلد تأسس ونهض بإعلائه لكرامة الإنسان.. ومن مبادئه الراسخة “الإنسان أغلى ما نملك”.. وقيادته الهاشمية الرائدة تصل الليل بالنهار من أجل تحسين حياة المواطن وتمكينه نحو الأفضل.
لذلك، أخذنا في كل مرحلة من مراحل مواجهة الوباء الإجراءات التي تمكننا من تحقيق الهدف الأساسي التالي: حماية صحة المواطن أولاً.
في بدايات التعامل مع كورونا، نفذنا إغلاقات كانت من بين الأسرع والأكثر حزما في العالم، وحققت المطلوب منها بضبط أعداد الإصابات وتسطيح منحنياتها، لإمهالنا الوقت الضروري لزيادة قدراتنا الصحية والإجرائية.
وبالفعل أنجزنا ذلك، فنحن اليوم نستوعب 700 مصاب ونعمل لرفع هذه القدرة، ونجري حوالي 100 ألف فحص أسبوعي، حيث قارب العدد التراكمي للفحوصات المليون فحص، وزدنا فرق التقصي الوبائي بشكل كبير وسريع، ودربنا الكوادر الصحية في مختلف المستشفيات على بروتوكولات التعامل مع الوباء، ونظمنا عملية عودة الأردنيين من الخارج بطريقة تحد من نقل العدوى خارجيا.
هذه بدون شك جهود مهمة وتقدر لدولة محدودة الإمكانات لكن لا تتراجع عن مسؤولياتها تجاه أبنائها وبناتها المواطنين.
اليوم نشاهد ارتفاعا مقلقا في أعداد الإصابات؛ والأردن، كغيره من الدول، أمامه مساران: التكيف مع الوباء، أو العودة للإغلاقات والحظر.
إن وزارة الصحة وكوادرها وخبراء الأوبئة يراقبون عن كثب التسارع في عدد الإصابات، والانتشار لبؤر الإصابة بكورونا.
والاستمرار بالوتيرة الحالية من تضاعف عدد الإصابات بشكل يومي ومتتال سوف ينقلنا وبشكل خاطف، من مستوى الانتشار في بؤر معزولة مسيطر عليها، لمستوى العدوى المجتمعية، وهي درجة تفش يصعب السيطرة عليها.
قدرتنا على الاستمرار في أسلوب التكيف والانفتاح يعتمد بشكل أساسي على التزام الجميع .
فمواجهة وباء كورونا بنجاح لا تتحقق بنسبة التزام 95 بالمئة من المواطنين في إجراءات الوقاية، فعدم التزام 5 بالمئة من المجتمع فقط كفيل بالتسبب بانتكاسة مؤلمة.
ومن هنا، فإنني أتوجه اليوم برسالة واضحة لكل مواطن: التزامكم هو الذي يحدد كيف سنتعاطى مع كورونا، الالتزام الصادق بإجراءات الوقاية سيمكننا من الاستمرار في أسلوب التكيف والانفتاح، وعدم الالتزام يعني انتكاسة صحية ستقودنا وبكل أسف للعودة للإغلاقات.
الالتزام يترجم بلبس الكمامة، وتعقيم وغسل اليدين باستمرار، وبالتباعد وتفادي الازدحام وإقامة التجمعات، وباستخدام تطبيق أمان للتنبيه من حالات المخالطة، وبالمسارعة بالعزل الذاتي في أي لحظة يشعر فيها أي شخص بأعراض المرض ويشك بتعرضه للإصابة.
علينا جميعا الالتزام والعمل معا لكي لا نعود خطوات للوراء ونخسر ما حققناه من مكتسبات.
إن المرحلة الحالية في مواجهة الوباء حاسمة، ولا مجال فيها للتساهل أو الاستهتار.
لذلك، أوعزت لوزيري الداخلية والصناعة والتجارة والتموين وجميع الأجهزة المعنية بتشديد الرقابة على الالتزام بأوامر الدفاع التي وضعت لحماية صحة المواطنين بالتنفيذ الحازم.
وأشكر نشامى ونشميات الأمن العام وجميع المؤسسات والكوادر التي تعمل ليل نهار للحفاظ على سلامتنا جميعًا.
إخواني وأخواتي،إن أهم دروس مواجهة وباء كورونا تتمثل في الاعتماد على الذات وخصوصا في أمننا الغذائي.
وهو الهدف الذي لطالما وجهنا إليه جلالة الملك بحكمته ورؤيته.
وأمننا الغذائي لا يقتصر على قدرتنا على توفير كميات الغذاء الضرورية فقط، بل نوعيته وجودته أيضاً، لتكون صناعاتنا الغذائية متميزة بنوعيتها وتحظى بثقة المستهلك محلياً، وأيضاً إقليميا ودوليا، بما يمكننا أن نصبح مركزا إقليمياً رائدا للصناعات الغذائية.
وقد شهدنا بالتزامن مع التصدي لجائحة كورونا تحديات وحوادث نبهتنا إلى أهمية الارتقاء بمستوى الرقابة على جودة وسلامة منتجاتنا الغذائية الزراعية منها والحيوانية، في المزارع والمصانع والمسالخ ومنشآت التوزيع والتخزين والبيع.
وأود أن أشكر جميع مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الوطنية على جهودها في التأشير على مواطن الخلل في هذا الملف الحيوي، ما نبهنا إلى أهمية تسريع الإجراءات الضرورية لإصلاح منظومة الرقابة على الغذاء والارتقاء بها، حرصا على صحة المواطن الأردني وسمعة المنتج الأردني.
ولترجمة ذلك، قمنا كإجراء أولي سريع بتحديد أدوار المؤسسات المعنية بالرقابة على جودة الغذاء وسلامته بوضوح أكبر، وتعزيز التكامل بين هذه المؤسسات ، وتطوير بروتوكولات الفحص والرقابة وفقاً لأفضل المواصفات والمقاييس للأغذية، وقد وجهت الجهات المعنية وابتداء من اليوم، بتكثيف الجولات الرقابية الميدانية وتشديد العقوبات على المخالفين.
وسوف نتوج هذه الجهود بإنجاز هيئة رقابية موحدة لحماية المستهلك والمراقبة على جودة المنتجات السلعية المرتبطة بصحة الإنسان وغذائه وكذلك الأسعار، وسوف تدمج عدة مؤسسات في هذه الهيئة لإعطائها كامل المسؤولية الرقابية والقدرة على ضمان جودة الغذاء الأردني محليا وعالميا بأعلى المواصفات الدولية.
في كل التحديات هناك فرص، وفي تحدي كورونا الصعب تبرز الكثير من الفرص وأهمها: فرص ترسيخ ثقافة التكافل وترجمتها إلى مبادرات ملموسة الأثر، وفرصة تسريع التحول الرقمي للعديد من الخدمات والمرافق، وفرصة الترويج للأردن في الصناعة الغذائية والزراعة، وفرصة لتبني ممارسات صحية ضرورية لحماية مجتمعنا من خطر هذا الوباء وغيره من الأمراض.
قدرتنا على اغتنام هذه الفرص مرهونة بقدرتنا على السيطرة على الوباء، وهو ما يتطلب الالتزام منا جميعا بسبل الوقاية.
خوض هذه التجربة المريرة هو قدر البشرية وامتحانها، ولكن التعامل معها هو ارادة هذه البشرية في الحياة، ولنسعى دائماً الى التركيز على الشفافية والمعلومة والالتزام الكامل والتعلم من الأخطاء والتصحيح، فلنعقل ونتوكل برعاية الله وتوفيقه.
— (بترا)

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد