ملف اللجوء السوري في الأردن – حوار خاص مع رئيس بلدية المفرق سعادة عامر نايل الدغمي

0 6٬937

العالم الآن – حوار شادن صالح – لطالما كان الأردن سباقاً لأداء  الواجب القومي والأخوي في استقبال ما ينيف عن مليون لا جئ سوري رغم وضعه الاقتصادي والمالي  الصعب وبنيته التحتية التي لا تتحمل . ولكن ذلك كان من منطلق الأخوة  أن تتحملهم الدولة الاردنية أياً كان وضعها  قبل أن يتعهد ويتكفل المجتمع الدولي وبالذات الأمم المتحدة بكافة نفقات وجودهم المرئية وغير المرئية في الأردن .

اليوم وبعد الهدوء النسبي في سوريا  وزوال الأسباب  التي دفعتهم للجوء. فقد بات بديهياً أن ينتهي لجوءهم وعودتهم الى  ديارهم وإنهاء معاناتهم  فالمنطقة من دمشق الى الحدود الأردنية هي اليوم أمنة وتحت سيطرة الحكومة السورية وجيشها  ولكن ما الذي يجري على أرض  الواقع وما هي الخطط المستقبلية في ملف اللجوء السوري.؟

وللحديث حول أزمة اللجوء السوري في الأردن وتداعياته واستحقاقاته فقد أجرينا حوار صحفي مع  رئيس بلدية المفرق الكبرى …السيد  عامر نايل الدغمي / ماجستير في التخطيط الأقليمي وإدارة وتنمية المدن..

كان بداية السؤال عن مدى تأثير اللجوء السوري على الأردن ومحافظة المفرق تحديداً …
فأجاب : أثر اللجوء على الأردن بشكل عام على جميع القطاعات والمحاور الخدمية في المملكة وعلى المفرق بالذات لقربها من الشريط الحدودي مع سوريا كون الخدمات المقدمة للمواطنين أساساً متهالكة من قبل اللجوء السوري وعلى إثر اللجوء العراقي عام 1990وعام 2003 وإمتداداً للأزمة الليبية ومن ثم اليمنية والتي كانت تؤثر في السابق على محافظة المفرق حتى وصلت للأزمة السورية والتي قضت على آمال التنمية في المفرق مما شكل ضغط هائل على جميع القطاعات. كقطاع التربية والتعليم عن طريق الأعداد الهائلة لأبناء السوريين الذين ألتحقو بالمدارس خاصة في الفترة المسائية ومن ثم تم دمج الفترة المسائية مع الفترة الصباحية ….
أيضاً قطاع الصرف الصحي عانى من ضغط كبير وقطاع المياه أيضاً حيث كنا بانتظار مياه الديسة وعندما تم العمل بمياه الديسة كان متزامناً مع إستقطاب أعداد من اللجوء السوري الذي أصبح يشكل مليون ونصف المليون من سكان الأردن …. مما يعني تردي في القطاعات المختلفة … ومن القطاعات التي تأثرت باللجوء السوري قطاع الصحة ووصوله لحالة يرثى لها بسبب هذه الأعداد غير المسبوقة والتي شكلت ضغطاً كبيراً من خلال زيارة هذه الأعداد للمستشفيات والمراكز الصحية … أيضاً ما زاد الأمر سوءاً هو أن الكثير من اللاجئين السوريين يرتادون المستشفيات والمراكز الصحية دون وجود حاجة ضرورية لذلك مما شكل ضغطاً على الكادر الطبي والمستلزمات الطبية والأدوية وأدى الى عدم وحود شواغر في الأسرة خاصة في قسم النسائية والتوليد والذي تشكل فيه الزيارات ما نسبته 100% على مدار الساعة ..
بلدية المفرق الكبرى تشكل مركز المدينة لتقديم الخدمات للمحافظة حيث يوجد 285 ألف مواطن منهم لا يقل عن 110 آلاف مواطن سوري الآن أصبحوا يتمتعون بالمواطنة وكامل الحقوق مثل أبناء المفرق مما شكل هذا العبء الكبير على بلدية المفرق مثل انتشار العشوائيات خارج التنظيم وهذا سبب قلقاً للبلدية من حيث تقديم الخدمات لأن هذه العشوائيات تقع خارج حدود البلدية وصعب عملية تقديم الخدمات لهم كونها لا تعود للأوراق الرسمية والتراخيص المشروعة لدى المحافظة والتي زادت خلال توافد أعداد اللاجئين خلال عامي 2011 و 2012 والتي كانت أعدادهم فيها من 230- 240 ألف لاجئ داخل المفرق.

وعند السؤال عن التكلفة المالية داخل مخيم الزعتري فقد قال السيد عامر: مخيم الزعتري والذي تشرف عليه الدولة الأردنية بالتعاون مع منظمات دولية فتقوم بتأمين الحاجات الأساسية والمواد التموينية والمساكن والخدمات والتعليم داخل المخيم كمدينة مستقلة يستقطب 120 ألف لاجئ سوري ومخيم الزعتري الذي يعتبر أول مخيمات اللاجئين في الأردن، يعتبر هذا مكلف جداً لعدم وضوح الآلية من المفوضية السامية بموضوع الدعم ويتمثل عدم الوضوح في حصول بعض الأسر على كافة أنواع الدعم من كافة المنظمات ببنما أسر أخرى لا تتحصل على أي دعم من أي منظمة إضافة إلى عشوائية القرارات وغياب التنسيق وقاعدة البيانات المسبقة للمفوضية السامية وعدم عدالة التوزيع للدعم المقدم داخل المخيم..
أما خارج المخيم فاللجوء أثقل كاهل المواطن الاردني داخل المفرق وتمثل في زيادة أعداد البطالة فيها والتي كانت بالأصل تعاني حيث تحتوي المفرق على 13 جيباً للفقر من أصل 21 جيباً في جميع المملكة الأردنية، مما يعني أنها محافظة فقيرة بالأصل .. وإلى جانب إزدياد البطالة أصبح هناك زيادة في أجور المساكن وهذا العبء الإقتصادي شكل فجوة في الأمان المعيشي للمواطنين ما بين عامي 2015 و 2016 بسبب المنافسة الشديدة في سوق العمل بين أبناء المفرق واللاجئين والسبب يعود بأن اللاجئ السوري تتوفر له كافة الخدمات والمسكن والمواد التموينية لذا حين يخرج للسوق فإنه يستتهدف الرواتب القليلة لإستكمال كماليات معيشته وبذلك ينافس المواطن الأردني الذي لا يتم تأمين حاجاته الأساسية والسكن وغيرها.

الجدير بالذكر أن بعد تشكيل وزارة الإدارة المحلية والتي تضم المجالس المحلية والبلدية والتي كانت تعنى بوزارة البلديات وبعد ضم مجالس المحافظات واللامركزية والمجالس التنفيذية الني تتغذى على ثلاث وزارات وهي الداخلية والتنمية السياسية والتخطيط … أصبح الآن وزارة الإدارة المحلية والتي نأمل من خلالها بإدارة الحكم المحلي  في المرحلة القادمة لمواجهة الأعباء الإقتصادية وخلق فرص عمل ومشاريع تنموية

أما عن حماية اللاجئين السوريين في الأردن وفق المواثيق الدولية فقد علق السيد الدغمي بما يلي: اللاجئ السوري محمي حماية كاملة من الدولة الأردنية بالتنسيق مع المنظمات الدولية بما يتواكب مع القانون الدولي لحماية اللاجئين منذ دخولهم الأراضي الأردنية واستقبالهم في النقاط الرئيسية ابتداءً من المعابر الحدودية لحين دخولهم الى المخيم … أما في المدن الأردنية يتم التعامل معهم كمواطنين أردنيين لهم كامل الحقوق كأن يشتكي في المراكز الأمنية على من يسئ له ويشتكى عليه … وعليه فأنه يأخذ كامل حقوقه مثل اي مواطن أردني وتتم حمايته على هذا الأساس كونهم يعيشون وسط سكان المدينة.
ناهيك عن التقارب الشديد بين العشائر الأردنية في المفرق مع العشائر السورية التي تقطن المناطق الحدودية وتعد هذه العشائر متداخلة لدرجة يصعب التمييز بين السوري والأردني من حيث الطباع والعادات والتقاليد.
أما عن كفاية الدعم المقدم من الدول المانحة فقد قال: هناك فجوة قد تغيب عن بال الدول المانحة حيث يوجد أموال كثيرة وضخمة تصل للأردن عن طريق المنظمات الدولية والدول المانحة لكن هناك ما نسبته 60% من هذه الأموال تؤول الى المصاريف التشغيلية والإدارية لهذه المنظمات وهذا ما يقلل من فاعلية هذه المبالغ الإيحابية لدعم اللجوء مما يفقدها هدفها المباشر بمساعدة اللاجئين وتضعف الأرقام التي تحققها مشاريع هذه المنظمات.
أما البنية التحتية فلغاية الآن لا يوجد أي حديقة أومتنفس للأهالي داخل مدينة المفرق والتي كانت من ضمن الخطط في عام 2010 ولكن بعد دخول اللجوء السوري فقد عمل على إعاقة هذه الخطط وأوقف خطة التنمية وقتها.

وفي سياق تأثر الأردن بتغيير سياسات الدول المانحة والمنظمات الدولية ..فكان الرد: السبع السمان قد انتهت وذلك لأن محافظة المفرق في بداية الأزمة استقبلت من 30-35 ألف لاجئ سوري قبل تدخل الحكومة الأردنية والمنظمات الدولية والدول المانحة واستقبلهم أهالي المحافظة وأسكنوهم بينهم لكن مع تزايد أعداد اللجوء والمدة الزمنية التي امتدت الى ثمان سنوات عمل على إثقال كاهل العائلات الأردنية … ثم تدخلت الحكومة والمنظمات الدولية وبدأت ضخ الأموال سواء التي صرفت للاجئين أو للمصاريف التشغيلية والإدارية … وبعد ثماني سنوات قلت نسبة المنح المقدمة بنسبة 90% ومثال ذلك بأن البنك الدولي في عام 2014 قدم خمسة مليون دولار لكن في الوقت الحالي لم يقدم سوى 500 ألف دولار فقط..

وعن عودة اللاجئين السوريين فقد علق الدغمي بأن بعد فتح نقطة حدود جابر عاد من مليون ونصف المليون لاجئ فقط 15 ألف سوري الى ديارهم وهذا ما شكل تخوفاً كبيراً للخمس سنوات القادمة في ظل بقاء أعداد كبيرة من اللجوء السوري تزامناً مع نقص الدعم المقدم من الدول المانحة مما يثير قلق المؤسسات المدنية وبلدية المفرق تحديداً لكيفية التعامل مع هذه الأعداد خلال الفترة القادمة، ويجب التذكير بأنه لا يوجد رجوع قسري للاجئين ولعل أكثر ما يدفع اللاجئين بالبقاء هو الأستقرار الذي يشعر به اللاجئ داخل المفرق ناهيك عن تأمين الحاجات الأساسية والمسكن بالإضافة الى امتلاك السوريين لحرف ومهن كثيرة يستطيعون كسب المال منها … كل هذه العوامل تجعل العودة لديارهم ليس من ضمن الخيارات.

أما بالنسبة للجريمة فيعتبر الدغمي أن أي قضية تحول للمحكمة فهي جريمة ومع دخول ثقافة أخرى مختلفة على الثقافة الأردنية لا سيما ثقافة اختلطت بالعنف والحروب والقصف التي مرت على السوريين والتي أثرت على نفسية اللاجئ السوري وانعكست على سلوكياته فقد تمثلت بزيادة نسبة الرشوة والسرقات والعنف داخل المفرق وهذا شكل ضغطاً على الأمن الداخلي ورجال الأمن في المحافظة، مع التذكير أن الأردن هو بلد الأمن والأمان وأن التطور الأمني فيها يعد من أفضل بلدان الشرق الأوسط. ولكننا قمنا بزيادة التعزيزات الأمنية ونشر عناصر استخباراتية لمنع وقوع جرائم ومنع استهداف مواقع حيوية داخل المفرق خاصة وأن خطر تنظيم داعش بات يؤرق المنطقة ككل ولأن دخول بعض اللاجئين كان بدون تدقيق أمني محكم ولكن الأجهزة الأمنية قامت بضبط الكثير من محاولات تهريب السلاح وادخال مواد مخدرة الى الأردن عن طريق هذا التنظيمات…

 

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد