(من صفحات الماضي) – رانيا ابو عليان

0 381

.العالم الآن – …بينما هما سائران على رصيفِ “مدينة النسيان” تصادما صدفةً، فتساقطت الحقائب الورقية التي كانت بحوزتهما،….ولما حاولا جمع أشيائهما بعجلةٍ وإرتباكٍ التقت عيناهما،….فسادَ صمتٌ أربكهما لدرجةِ أن جميع ما جمعا قد عاود السقوط من يديهما.
قال لها:أهذهِ أنت؟ أمعقولٌ بعدَ كل هذهِ السنين؟…أمعقولٌ بعد كل هذا الوقتِ يعودُ اليَّ هذا الحنين؟…أهذهِ أنتِ…قولي إذا كنتِ لأيامنا الخوالي تذكرين!..قولي أهذهِ أنتِ؟….أرجوكِ أجيبيني هل لا زلتِ كما كُنتِ،….قولي فبَعدَ كلِّ هذا الوقت تعودين لتقتحمي عليَّ عُزلتي وصمتي،….وتسرقي من نفسي ذاك الهدوء الذي لم تعرفهُ لسنواتٍ وسنوات بعدَ أن هربتِ،وببساطةٍ وسهولةٍ من حياتي إنسحبتِ،…تكلمي ارجوكِ…….
قالت له:نعم أنا،….أنا مازلتُ كما انا لم أتغير،…..أعشقُ صوتَ فيروز ولا أُ كثر على فنجانيَ السُكر،….وأٌهمل مواعيدي ولكنني لا زلتُ كما كنتُ مواعيدَ الصُبحِ أتذكَر،…..ولا زالت فيَّ نفسُ الحركات والتعابير،…..وعندما أركض كتيراً ما أتعثر،….. وتراني راكضةً كالأطفالِ تحتَ الشتاءِ عندما تُمطر،…..لا تعجب فأنا كما كنتُ الاّ أنني معَ الوقتِ أكبر،…..وكلما يا عزيزي أنا أكبر،…فإن نظرتي للحياةِ تتغيرَ،….فأنتَ ماضٍ جميل، ولكنَّ جمالكَ مِن جمالِ الماضي،فلماذا الآنَ وبالحاضرِ تَظهر؟!…….مقاييسي الآن مختلفة،….أفكاري مختلفة،…أمَّا انتَ فجزءٌ من ماضٍ ميِّت،…وكما تعلم فإنَّ الميِّتَ لا يعود،….وجماله في أن يكونَ جزءً من صفحاتِ ذكرياتٍ تنظرُ اليها وقتما تشاء ثُمَّ تٌغلق عليها الدفتر،…..فإعذرني لأنني لا املكُ الآنَ رغبةً في التَذَكُر ، وقراءةِ تلكَ الأسطُر.
…..ثُمَّ جمَعت ما تبعثَرَ من حقائبها الورقية ومضت بهدوءٍ دون أن تنظُرَ خلفها،…أما هوَ فقد بقيَ صامتاً لبُرهةٍ وغيرَ قادرٍ على جمعِ ما تبَعثَرَ من نفسهِ،حتى غابت عن ناظريه،…..ثُمَّ جمَعَ ما تبقى لهُ من حقائبٍ ومضى!!….مُخلفاً وراءَهُ جُزءً من ماضيه الذي عادَ لهُ_دونَ سابقِ إنذارٍ_خلف ظهره…..
_انتهت_
#رانيا_ابوعليان

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد