المصريون ما بين فيديوهات وائل غنيم ومحمد علي

0 302

العالم الآن – حالة من الجدل الشديد في مصر بعد ظهور أحد شباب ثورة 25 يناير 2011، في فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل جديد ملفت للنظر بعد أن حلق شعر رأسه وحاجبيه، في ظل انشغال المصريين بفيديوهات مقاول وفنان يدعى محمد علي، والذي علق عليه غنيم في فيديوهاته.

وظهر وائل غنيم في البداية في فيديوهين قصيرين، بينما كان لا يزال شعر رأسه الذي حلقه على كتفيه، مطالبا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمواساة زوجة الرئيس الأسبق المعزول من قبل الجيش بعد وفاة زوجها وأصغر أبنائها الخمسة الذي قالت السلطات إنه توفي إثر أزمة قلبية.

وكان غنيم قد هاجم الرئيس الأسبق محمد مرسي وأيد المظاهرات التي طالبت بالإطاحة به في 2013.

بدا غنيم، الذي قال إنه يعيش حاليا في ولاية كاليفورنيا الأميركية، متناقضا في حديثه وفي خطاب مليء بالمسبات على عكس ما عرف عنه من حديث لبق.

وتصدر وسم “#محمد_علي_فضحهم” خلال الأيام الماضية رغم محاولات حذف فيديوهاته وتدشين هاشتاجات بديلة، لكنها لم تلق الزخم الكافي. وفي تطور ملفت، أصبح وسم وائل غنيم يتصدر في مصر.

كان غنيم أحد مؤسسي صفحة “كلنا خالد سعيد” التي أطلقت بعد مقتل الشاب خالد سعيد على يد عنصري أمن في الإسكندرية في 2010 والتي كانت أحد مصادر تفجير الغضب لدى الشعب المصري للقيام بثورة 25 يناير 2011.

اعتقل غنيم بعد اندلاع الثورة بيومين لمدة 12 يوما تقريبا قبل أن تفرج عنه السلطات مع استمرار التظاهرات التي أدت إلى تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بعد 18 يوما من التظاهرات والاعتصامات الحاشدة.

في الفيديوهات التي ظهر فيها غنيم قال: “نحن في يناير كان لدينا تصور، لكن تبين في الآخر أنه تصور ساذج، فحتى واحنا بنهد كنا غلطانين ان احنا دخلنا نهد، بس مش فاهمين”.

وكان غنيم مهندس حاسوب وعمل مديرا إقليميا لشركة غوغل في مصر، لكنه في الفيديوهات قال إنه أصيب باكتئاب منذ ثلاث سنوات وفكر في الانتحار، ثم قال إنه سامح نفسه لكنه لم يذكر السبب الذي دفعه لذلك.

وطمأن غنيم متابعيه وقال إنه بصحة جيدةو مضيفا “أنا جيد وسامحت نفسي وكل شيْ”، وقال إنه “في تجربة روحانية وأخرج الغضب الذي في داخلي”.

التناقضات

اتهم البعض وائل غنيم بـ “الجنون”، بسبب تناقضاته. وقارن البعض بين صورته في 2011 وصورته بعد أن قام بحلق شعر رأسه وحاجبيه، لكنه قال “أنا حلقت شعري لأننا نواصل التفكير والخوف من حكم الناس علينا.. أنا الآن لست خائفا،لا أخاف أن يحكم علي.. أنا جيد وأتمنى أن يظل السيسي في حال جيدة ومصر في حال جيدة”و متمنيا خروج الناس كم السجن.

وطالب غنيم المخابرات الحربية بالتواصل معه لحل مشاكل البلاد، كما طالب بإخراج الشباب من السجون، واتهمها في الوقت ذاته بتهديده بالقتل.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قد ذكرت سابقا احتجاز ما لا يقل عن 60 ألف شخص في حملة القمع التي طالت أنصار مرسي وغيرهم من المعارضين الليبراليين. ولطالما صرح السيسي أنه لا صحة لوجود “معتقلين سياسيين” في مصر.

لكن كثيرين وخاصة شباب الثورة في تعليقاتهم على فيديوهات غنيم، حملوا السيسي والأوضاع السياسية المسؤولية عما آل إليه وضع وائل غنيم وشباب الثورة.

وتساءل كثيرون من بينهم الناشط وائل عباس، عن الحالة التي وصل إليها وائل غنيم.
ويرى الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي، في حديث مع “موقع الحرة” أن وائل غنيم أصيب باضطراب فأصبح في الخانة المضادة.

وأوضح “مثلما يحدث مع البعض الذين تنهار كل سلطتهم أو نفوذهم أو أموالهم فينهارون تماما، حدث ذلك، مع بعض الثوار، فتحولوا ليصبحوا مع الاستبداد وضد الثورة وكل المبادئ التي كانوا مؤمنين بها فجأة عندما رأوا أن كل آمالهم انهارت”.

وأضاف أن “الثورة المضادة شيطنت كل الثوار الذين اشتركوا في الثورة، وأصبحوا متهمين بأنهم عملاء وخونة أو مدمنو مخدرات، ومنهم من تم حبسه ومنهم من قتل ومنهم من أصبح مجنونا”.

وترى الدكتورة النفسية سالي فتحي أن وائل غنيم “ليس مجنونا، ولكنه يحتاج إلى مساعدة”.
وبعدما تزايدت التعليقات على حالته النفسية، كتب تعليقا على صفحته على فيسبوك قال فيها: “بالمناسبة، أنا لست مجنونا. أنا أجرب أمرا جديدا في تعاملي مع الحياة بشكل عام مختلفة عن النسخة القديمة مني. الإنسان دائما يجدد من نفسه ويطور منها وجزء من التطوير أنه يجرب إزالة الأمور التي يراها بالأساس صحيحة وذات قيمة لكي يفهم جيدا معناها وقيمتها وبعدها يستعيدها مرة أخرى”.
مغردون كثر طالبوا بتفهم حالة غنيم وقالوا إنه يحتاج إلى الوقوف بجانبه مع الضغط النفسي خلال السنوات الماضية بسبب الأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد.

حسام السكري علق على فيديوهات وائل قائلا: “عندما تبلغ لقناعة بالراحة مع ذاتك ومع نفسك، وتقرر إنك تواجه العالم كله.. عندما تقرر التخلي عن كل الأمور وتحلق شعرك وحواجبك وكل ما يتصور غيرك انه يمنحك شكلا هيئة وقيمة وانتماء لهم فإنك تعلن ستيتمنت (تصريحا)، كلمة حق خاصة بك، إعلان هوية، رفض لقيم انت تراها زائفة.. هل ممكن أن نصل لمرحلة يكون فيها عدد كاف من البشر، مش لازم أغلبية، يفهمون التفرد والاختلاف ويحترمونه من غير ما يظهر صاحبه كمجنون أو مريض أو صديق محتاج لمساعدة عاجلة”.
وائل غنيم يهاجم محمد علي

لم تغب نظرية المؤامرة بطبيعة الحال، إذ اتهم كثيرون غنيم بأنه مدفوع من النظام المصري، مع ظهور غنيم في وقت يتابع فيه الآلاف فيديوهات المقاول الذي عمل مع الجيش لنحو 15 عاما، بحسب قوله.
وقال غنيم في رسالة وجهها لصاحب شركة أملاك للمقاولات “يا محمد يا علي اتلم وبطل عيب.. انت جاي عايز فلوس”.

ورأى البعض أن غنيم ينفذ ما يريده النظام المصري بمحاولة الشوشرة على فيديوهات محمد علي التي يتحدث فيها عن فساد الجيش في المشروعات التي ينشئها أو يشرف عليها وعن تورط أسرة الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه.

وسريعا ما رد محمد علي بفيديو آخر يخاطب فيها غنيم قائلا: “أنا بتخانق (أتعارك) مع رئيس الجمهورية إيه اللي دخلك ما بينا”.

وقال الدكتور سعيد صادق إنه من المرجح أن فيديوهات محمد علي ذكرت غنيم بأنه كان في يوم من الأيام “الأكثر متابعة في مصر”، وأنه بهذه الفيديوهات ربما يعيد المتابعين له، “لكن قوة محمد علي تكمن في أنه كان جزءا من النظام، ولديه كاريزما، ويتحدث بلغة شعبوية وليست كخطابات السياسيين والمثقفين، لا توجد دبلوماسية في كلامه ولا حسابات، المصريون أصبحوا ينتظرون فيديوهاته ويشاهدونها على هواتفهم حتى لو في الشارع”.

واعتبر صادق أن محمد علي هو “نموذج باسم يوسف الجديد”، من حيث “تكسير هيبة الزعيم والحاكم في الشخصية العربية التي من الصعب المساس بها أو تناولها إعلاميا، فما بالك بمن يتناوله شخصيا بل وأسرته”.

لم ينظر إلى غنيم سابقا كأبرز الأشخاص الذين أثروا في الكثيرون وكانوا مصدر إلهام لهم في مصر فقط، بل إن مجلة “التايم” وضعته سنة 2011 على قائمتها لأكثر الأشخاص تأثيرا في العالم، لكن صادق يرى أن تأثير غنيم سيتلاشى مع الوقت سريعا وأن محمد علي هو الذي سيعلو نجمه في الأيام القادمة لأن فيديوهاته “تؤرق السلطة”، مضيفا “لذلك تم الإعلان سريعا عن مؤتمر السيسي للشباب السبت المقبل رغم أنه يعقد في شهر يوليو وعقد بالفعل منذ شهر ونصف تقريبا فقط”.
وطالب محمد علي السيسي بالرد عليه في المؤتمر.

ورأى البعض أن حالة وائل غنيم تمثل تعبيرا عن “الفساد السياسي” وأن حالة محمد علي تعبر عن حالة “الفساد الاقتصادي” التي تعيشهما مصر، بحسب مغردين، لكن مؤيدين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رأوا أنها محاولات تهدف للنيل من الجيش المصري، وترددت في وسائل الإعلام المصرية ما وصفوه بأنها في إطار ما أسموها بـ”حروب الجيل الرابع”.
” الحرة”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد