التوطين في الوظائف الخليجية يدمر أحلام الوافدين
العالم الآن – قال خبراء اقتصاد إن سياسات توطين الوظائف التي انتهجتها دول مجلس التعاون الخليجي، قبل عدة سنوات، تزيد الضغوط على العمالة الأجنبية، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية بالبلدان الأصلية للوافدين.
الخبراء أكدوا في أحاديث متفرقة لـ”الأناضول”، أن الوظائف الحكومية في الخليج، بدأت تصل لحد التشبع وفقا لإجراءات التوطين المستهدفة، وبدأ المضي نحو توطين وظائف القطاع الخاص، مما يخلق ضغوطا إضافية على الأجانب.
ويضم مجلس التعاون لدول الخليج العربية – التي تعتمد بشكل كبير علي عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها – كلا من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان.
وتعاني أسواق النفط الخام منذ 2014 حول العالم، تخمة المعروض ومحدودية الطلب ما أدى إلى هبوط حاد في الأسعار، نزولاً من 112 دولارا للبرميل منتصف 2014 إلى حدود 68 دولارا حاليا.
وتتصدر دول الخليج العالم من حيث نسبة وجود العمالة الأجنبية على أرضها.
ويعيش أكثر ما يقرب من 25 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، يمثلون العمالة الوافدة بأفراد أسرهم، بنسبة تقترب من 50 بالمائة من إجمالي سكان المنطقة البالغ 51 مليونا، وفق أحدث البيانات.
وبحسب إحصاءات دولية، فإن العمالة الأجنبية في قطر إلي إجمالي السكان (الأكبر في العالم) تقدر بنحو 91 بالمائة، تلتها الإمارات بنسبة 89 بالمائة، والكويت 72.1 بالمائة، والبحرين 54 بالمائة.
** تشبع الوظائف
الخبير الاقتصادي محمد رمضان قال إن نسبة البطالة هي التي تحدد الحاجة الملحة لإحلال سياسات التوطين بشكل سريع، لافتا إلى أن البطالة المرتفعة في السعودية دفعت إلى الإسراع بتوطين الوظائف الحكومية، وبعض المجالات بالقطاع الخاص.
وأضاف رمضان في اتصال هاتفي من الكويت لـ “الأناضول”، أنه يجب النظر إلى نسبة توطين الوظائف الحكومية إذ كانت متشبعة، فإن الحكومات تتجه لتوطين القطاع الخاص.
ولفت إلى أن هناك اختلافا بسياسات التوطين بين دول الخليج الست، فالوظائف الحكومية في السعودية متشبعة، وبدأ الاتجاه بقوة نحو القطاع الخاص.
وتظهر بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، فقدان 839.2 ألف موظف أجنبي في القطاعين العام والخاص وظائفهم بالبلاد، خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018.
وفق البيانات، تراجع عدد الموظفين الأجانب في السعودية بنسبة 8.1 بالمائة في 2018، إلى 9.58 ملايين موظف في نهاية الربع الثالث من العام الماضي، مقابل 10.42 ملايين في نهاية 2017.
غير أن هبوط العمالة الأجنبية في 2018، ليس ظاهرة جديدة تخص العام الماضي، بل هي في الواقع امتداد لتراجع بدأ منذ مطلع 2017.
ومنذ ذلك التاريخ، غادر 1.26 مليون موظف أجنبي وظائفهم في السعودية، حيث كان عددهم 10.88 ملايين موظف في نهاية 2016.
وفرضت السعودية رسوما على العمالة الأجنبية ومرافقيهم منذ عام 2017، ترتفع تدريجيا حتى عام 2020.
ويستكمل الخبير الكويتي حديثه قائلاً، أن الضغوط على قطر منخفضة في ظل البطالة المنخفضة بنسبة 0.1 بالمائة، بينما تختلف الضغوط بالإمارات من إمارة لأخرى.
وتابع: “الكويت بدأت تصل لمرحلة التشبع بالوظائف الحكومية وهي مقبلة على صعوبة بالتوظيف، وستقوم بالتركيز أكثر بالمرحلة اللاحقة على المشاريع الصغيرة وجذب المستثمر الأجنبي خاصة في مشروع مدينة الحرير والجزر لخلق فرص جيدة للمواطنين”.
وأكد أن الرهان الأكبر للحكومات الخليجية يتلخص في مدى القدرة على جذب المستثمر الأجنبي لحل أزمة البطالة المحلية، والحد من الآثار السلبية للإسراع بسياسات التوطين.
وأشار إلى أن البحرين والسعودية والكويت اتجهوا لإقرار قانون التقاعد المبكر لتخفيف العبء عن الجهاز الحكومي ولخلق فرص عمل جديدة.
** زيادة التكلفة
وقالت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، إن سياسات توطين الوظائف بدول الخليج تساعد في حل مشكلة البطالة بين المواطنين في ظل الزيادة السكانية السريعة، إلا أنها قد تؤدي إلى زيادة تكاليف العمالة وتعوق تنويع الموارد.
وذكرت موديز إن التغييرات الاجتماعية ستزيد الطلب على التوظيف، لاسيما إذا دخلت المزيد من النساء إلى سوق العمل، فضلا عن أن عدد الوظائف الجديدة المطلوب توفيرها للمواطنين في العشرين عاماً المقبلة لتلبية أهداف سوق العمل والأهداف الاجتماعية هو الأعلى في السعودية وسلطنة عمان وبدرجة أقل في الكويت.
وترى موديز أن التوترات الاجتماعية والسياسة قد تزيد إذا فشلت خطط التوطين في زيادة التوظيف بشكل كاف، ومع ذلك فإن السلطات ستجد صعوبة في خلق المزيد من الفرص الكافية في القطاع الخاص لوقف ارتفاع معدل البطالة في الأجل القريب على الأقل.
** اختلالات واضحة
وقال عيد الشهري، الخبير الاقتصادي الكويتي ورئيس شركة الأجيال القادمة للاستشارات (خاصة)، إن الإجراءات الحمائية التي تقوم بها الدول الخليجية لخلق فرص عمل للمواطنين تسبب اختلالات واضحة، فيما يخص زيادة التكلفة.
وأوضح الشهري في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، أن خطط التوطين تزيد راتب الموظف المحلي بسبب القوانين التي تجبر الشركات على تعيين المواطنين بتكلفة أعلى.
وتابع: “سياسات التوطين تتزامن مع فرض الضرائب والرسوم على الوافدين بغرض تنويع الإيرادات وعدم الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل”.
وأفاد الخبير الاقتصادي بأن الشركات تفقد الميزة التنافسية للمهارات المتاحة مما يقلص فرص التوسع ويخفض إيراداتها، كما يخلق التوطين سوقاً سوداء للتوظيف الوهمي والبطالة المقنعة.
” الأناضول”