لقاح صيني ضد «كورونا» يجتاز «تجارب الفئران»

0 343

العالم الآن – دخل لقاح صيني جديد دائرة الضوء، كأحد الأسلحة المستقبلية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض (كوفيد – 19)، وذلك بعد نجاحه في إثبات قدراته على توفير الحماية من الفيروس، خلال الاختبارات التي أجريت على فئران التجارب، وتم نشر تفاصيلها أول من أمس في دورية سيل «Cell».

ويستند اللقاح الجديد إلى التقنية نفسها التي يستخدمها لقاح شركة «موديرنا» الأميركية، والذي انتهى مؤخرا من المرحلة الثانية من التجارب السريرية، وهي استخدام الحمض النووي الريبي، ولكن تم إعداده بطريقة مختلفة. ومثل أغلب اللقاحات يستهدف النوع الجديد، الذي ينفذه باحثون من معهد بكين لعلم الأحياء الدقيقة وعلم الأوبئة، الجزء الأكثر وضوحا في الفيروس وهو «الأشواك» التي توجد على سطحه، والتي تمنحه الشكل التاجي الشهير، والذي يعرف باسم «بروتين السنبلة»، ولكن بدلا من استهداف البروتين بأكمله، يركز اللقاح على جزء منه مسؤول عن الارتباط بالخلايا بالشرية، يعرف باسم (RBD)، وتم تصميمه عن طريق استخدام المادة الوراثية «الحمض النووي الريبوزي المرسال(Messenger RNA) لهذا الجزء، وتم تغليفها بطبقة دهنية نانومترية.

وخلال الدراسة التي نشرتها دورية «سيل»، وجد الباحثون أن اللقاح يثير استجابات مناعية وقائية في الفئران، وكانت حقنتان منه كافيتين لتحفيز مناعة قوية، مما يمنع تماماً الإصابة بالفيروس. ويقول تشنغ – فنغ تشين، من معهد بكين لعلم الأحياء الدقيقة وعلم الأوبئة والباحث الرئيسي، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لدورية «سيل» بالتزامن مع نشر الدراسة: «إن الحماية القوية التي لوحظت في الدراسات الحالية والارتباطات المناعية الواضحة للحماية تمهد الطريق لتطوير اللقاح للاستخدام البشري في المستقبل».

وتعتبر اللقاحات التي تعتمد على الحمض النووي الريبي جذابة، لكونها تحفز استجابات مناعية قوية ومحمية بشكل واسع ضد مسببات الأمراض المختلفة مع أعراض جانبية مقبولة وليست شديدة، وقد يمثل استهداف جزء من البروتين بدلاً من البروتين بأكمله خياراً أكثر أماناً، مما قد يؤدي إلى إنتاج عدد أقل من الأجسام المضادة غير المحايدة، ويمكن لهذه الأجسام المضادة أن تعزز الدخول الفيروسي إلى الخلايا والتكاثر الفيروسي من خلال عملية تسمى تعزيز العدوى المعتمد على الأجسام المضادة، والتي تم الإبلاغ عنها سابقاً للفيروس ذي الصلة المسبب لانتشار مرض (السارس) خلال الفترة من 2002 إلى 2003.

وتم التأكد من هذه النتيجة بعد أن قام الباحثون بحقن اللقاح الذي سموه (ARCoV) في أنسجة العضلات لدى 16 من الفئران وقدموا دفعة معززة بعد أسبوعين، ووجدوا أن اللقاح أدى إلى إنتاج مستويات عالية من الأجسام المضادة المعادلة التي تحمي الخلايا المضيفة عن طريق منع الفيروس من التفاعل معها. ووفرت هذه الأجسام المضادة حماية واسعة ضد ثلاث سلالات مختلفة من فيروسي «كورونا المستجد المسبب لمرض (كوفيد – 19)»، و«كورونا المسبب لمرض السارس».

ولم تظهر الفئران التي تلقت جرعتين من اللقاح وتعرضت للفيروسين، بعد 35 يوماً، أي علامات على الحمض النووي الريبي الفيروسي في الرئتين أو القصبة الهوائية، كما لم يوجد تلف في الرئة أو التهاب. ولتقييم الاستقرار الحراري للقاح، قام الباحثون بتخزينه في درجات حرارة مختلفة لمدة يوم أو أربعة أو سبعة أيام، وحقنه في الفئران، وإعداد تصور توزيع الأنسجة. وأظهرت النتائج أن اللقاح تم تسليمه بشكل فعال إلى الأنسجة، محققاً المستوى العالي نفسه من التعبير بعد تخزينه في درجة حرارة الغرفة لمدة أسبوع واحد، دون أي علامات على انخفاض النشاط، وهذا أمر مرغوب فيه للغاية لتسهيل انتقاله من مكان لآخر، وهذا ما يميزه عن لقاح «مودرينا» الذي يحتاج للتخزين في درجات حرارة منخفضة جدا.

ويقوم الباحثون حالياً بتقييم استقرار اللقاح على المدى الطويل، بالإضافة إلى ذلك، لم يتم تحديد مدة الأجسام المضادة المعادلة التي يسببها اللقاح، حيث أشارت التجربة من الفيروسات التاجية البشرية الأخرى إلى إمكانية إعادة العدوى بسبب ضعف استجابة الأجسام المضادة، ومثل «هذه التفاصيل سيتم تحديدها بدقة في دراسات مستقبلية لتقييم الاستجابة المناعية طويلة المدى في النماذج الحيوانية وفاعلية اللقاح في البشر»، كما يؤكد تشين.

وإلى أن يتحقق ما يعد به تشين، فإن هذا اللقاح ربما لن تكون له فرصة في الظهور مبكرا بسوق لقاحات الفيروس الجديد، كما يقول دكتور محمد سمير، أستاذ الأمراض المشتركة بجامعة الزقازيق «شمال شرقي القاهرة» في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط». ويضم سوق اللقاحات 4 لقاحات تخوض المرحلة السريرية الثالثة والأخيرة، ومعظمهم أقدم على الإنتاج قبل ظهور نتائج تلك التجارب استنادا إلى النتائج الإيجابية التي تحصل عليها في التجارب الحيوانية وتجارب المرحلة السريرية الأولى.

ورغم أن هذا اللقاح ربما لن تتاح له فرصة منافسة هذه اللقاحات الأربعة، فإن دكتور سمير يعتقد أنه قد تكون له فرص لاحقة، لأن هذه اللقاحات الأربعة لن تستطيع تغطية كل دول العالم.

ويقول: «لحدوث تغطية كبيرة في العالم تحقق ما يمكن تسميته (مناعة القطيع) التي تستأصل الفيروس، يستلزم ذلك وجود أكثر من خيار، وقد يكون هذا اللقاح أحد الخيارات».
” الشرق الاوسط”

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد