الأردن كما عرفناه وفياً عصياً على المغرضين – غالب سعد – الأردن

0 468

العالم الآن – تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية، قصة العائلة الفلسطينية الغزية المسافرة الى الضفة الغربية عبر الاردن، وقيل، انه تم ايقافها في مطار عمان الدولي واعادتها من حيث أتت، الى مصر، وتم تداول القصة بشكل درامي مؤسف، وكأنها انتهاك خطير لحقوق الانسان، او نموذج للسياسات الأردنية في معاملة الفلسطينيين، وهذا محض افتراء، لا اساس له من الصحة . ليس المقصود هنا اعادة الرواية او الدخول في تفاصيلها، فالمختصون وحدهم يعرفون حقيقة الملابسات الإدارية والفنية، التي ربما ادت الى منع مرور العائلة المسافرة واعادتها الى الجهة التي قدمت منها، ولهم وحدهم الحق في التعليق على الموضوع، ولكن ما يهم عامة الأردنيين، الدلالات العامة لما تم تداوله وما يمكن ان يعلق منه في اذهان الناس، لاسيما وأن الوضع الفلسطيني فيه ما يكفيه، يكابد التحديات في كل اتجاه ومن كل نوع وعلى كل صعيد، بينما يتمسك اللأردن، من القمة حتى القاعدة، بموقف ثابت وداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
ان حالات توقيف احد المسافرين على الحدود، تحصل كل يوم في العالم، مقابل مرور اعداد اخرى لا حصر لها في كل اتجاه، ولا يحتاج الأمر للتوقف طويلا، الا اذا شكل ظاهرة متكررة، تحمل شبهة الاخلال بالتزامات دولية او قوانين واجراءات متعلقة بالحقوق والواجبات، ولا يلاحظ شيء من هذا في مرور الفلسطينيين من المعابر الاردنية، وتعتبر مثل هذه الحوادث نادرة، وهي اقل من المتوقع، نظرا لكثرة اعداد الفلسطينيين الذين يعبرون من الاراضي الاردنية كل يوم، ويتم استقبالهم وتأمينهم حتى الجانب الغربي من المعبر، حيث تستقبلهم الاجهزة الفلسطينية والاسرائلية، ولكل منها اعتباراته وترتيباته المتفق عليها، كما ان للاشقاء الفلسطينيين اعتباراتهم وترتيباتهم الخاصة، فيما يتعلق بأوضاعهم الداخلية، والتواصل بين اجزاء الاراضي الفلسطينية شمالا وجنوبا، اما الاردن الذي يملك السيادة الكاملة على اراضيه ومواطنيه، فلا يتدخل باعتبارات الاطراف الاخرى، ويلتزم بتطبق قواعد وترتيبات العبور المعمول بها دوليا على القادمين والمغادرين، ويشهد الجميع بالتزام وكفاءة الاجهزة الاردنية المختصة، التي تسهر على تطوير وتنظيم المعابر الاردنية، وادارتها بكل احتراف، وتؤمن سلاسة وسلامة اجراءات العبور، لعشرات الآلاف من المسافرين يوميا، دون اغلاق او ارباك، بل تعمل لساعات متأخرة جدا أحيانا، او على مدار الساعة دون توقف عند الاقتضاء.
لا يحتاج الاردنيون لشهادة في الكرم وحسن الضيافة والاستقبال، ولا ينتظرون الشكر على احتضانهم لأشقائهم في الأزمات والملمات،بمئآت الآلاف او بالملايين، يتقاسمون معهم ما تيسر من الموارد والخدمات، ولا يتحدث عنهم أحد، من باب الشهامة والوقار، اذن لا مجال لاثارة الغبار حول تعامل الاردن مع الاشقاء العرب ومع الفلسطينيين بشكل خاص، وحتى لا نبتعد عن قصة العائلة الغزية، موضوع المقال، نذكر، ان حوالي 650 ألف فلسطيني، معظمهم من قطاع غزة، ولا يحملون الرقم الوطني، ومع ذلك فهم يعيشون على الارضي الأردنية بكل ترحاب منذ عشرات السنين، يمارسون حياتهم واعمالهم ويتنقلون بجوازات سفر اردنية خاصة، ومن اللافت ان تثار قضية العائلة الغزية في الوقت الذي قررت الحكومة الاردنية يوم الاثنين، الموافق الثالث من شهر ديسمبر الحالي، حزمة من التسهيلات الجديدة لهذه الفئة من الفلسطينيين، ومن ابرزها منحهم الحق بتملك الشقق والاراضي ومركبات النقل التي تعينهم على كسب الرزق وتحسين الدخل، وكانت الحكومة قد اقرت في 22 شباط من العام الماضي، تسهيلات اخرى بشان تمديد صلاحية الوثائق والجوازات ورخص القيادة وامتلاك المركبات اسوة بالاردنيين، وفي مناسبات سابقة كانت قد اعفتهم من رسوم تصاريح العمل بدون قيود، فلا مقارنة مع وضع الفلسطينيين الذين يواجهون خطر الموت او الترحيل في المخيمات، او اولئك الذين لا يجدون فرصة عمل من اي نوع، او لا يستطيعون الخروج ، للتعليم او العلاج او العمل الا بشق الانفس.
اختم بشيء شخصي من الواقع، زارني الاسبوع الماضي أحد الشخصيات الفلسطينية المرموقة، وبعد ان اثنى على الموقف الاردني من قضية فلسطين ومعاملة الفلسطينيين في الاردن وعلى المعابر ، قال، ان الاردن اكثر من بلد جار او شقيق، انه الرئة التي نتنفس بها، وهو ما يفرض علينا واجب الحرص عليه كما نحرص على انفسنا، وسألني وهو يغادر، من باب الامتنان، هل هناك جمعية للصداقة الاردنية الفلسطينية، اجبته بشيء من العتب، ان صيغة الصداقة لا تليق بالعلاقة الاردنية الفلسطينية، وربما حتى صيغة الاخوة لا تكفي ولا ترضي أولاد واحفاد الابطال االاردنيين، الذين حاربوا وجرحوا او استشه دوا على تراب القدس ومن اجلها، دون ان يسألوا، هل هم من غرب النهر او من شرقه، وما اكثرهم. .
غالب سعد/ سفير متقاعد

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد