سوريا …الرياضة تصنع المعجزات … منير حرب / الأردن …….

0 18٬935

العالم الآن – وبعد أن كانت عروس الشام عنوانا لكل ما هو جميل، أصبحت مسرحا للموت، الدمار والخراب الذي مس البلاد والعباد، الشجر والحجر، مرحلة تدمي قلب كل مسلم  وكل عربي ما مرت به  سوريا أنهكت كل الفئات والقطاعات، ولم يسلم من ويلاتها لا معيشة ولا اقتصاد ولا رياضة، وعلى ذكر هذه الأخيرة فقد دخلت هي الأخرى في مرحلة مظلمة، وحاصرتها الأزمات من كل حدب وصوب، إذ تعرض الرياضيون للكثير من الظروف الصعبة التي اوقفت طموحاتهم واحلامهم وتعرضت البنية الرياضية التحية لخراب كبير في معظم المحافظات وتوقفت العديد من البطولات والبعض تقزم بشكل كبير بعد ان كانت كل الوان الرياضة تضج بالملاعب والصالات وشكلت سوريا في محتلف الالعاب الرياضية حضورا متميزا عربيا واسيويا وعالميا .

 علما أن محاولات إبقاء الروح في جسد الرياضية السورية من هذا الطرف أو ذاك لم تتوقف حتى في أحلك أوقات أزمة دامية سيخرج في نهايتها جميع السوريين خاسرين. في السنوات الثماني الماضية انقسمت سوريا سياسيا واجتماعيا بين مؤيد ومعارض لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وكان الخلاف بين المؤيدين والمعارضين يطال كل شيء تقريبا، لكن يبدو أن الرياضة هي التي سيكون لها مفعول السحر في إعادة اللحمة الاجتماعية بين السوريين، في وقت تتعذر فيه “اللحمة السياسية” في بلد ما تزال فيه مؤشرات تعافٍ سياسي  موضع شك مع قدرة الحكومة المركزية في دمشق على استرداد ما تبقى من مواقع  سورية الكبرى.

 لم تكن الرياضة يوماً من الأيام بعيدة عن السياسة، لا بل باتت جزءًا لا يتجزأ من السياسات الدولية والقيم التي تحكم العلاقات بين الشعوب والدول، مع أنها وسيلة كانت يوماً من الأيام أقرب إلى الترفيه والرعاية الإجتماعية والصحية على مبدأ العقل السليم في الجسم السليم.

 ،ومع التطور الحاصل في حياتنا الحالية أصبحت الرياضة بحد ذاتها عنواناً لتطوير العلاقات بين الشعوب والدول وطريقاً لتحقيق الكثير من المكاسب المادية والسياسية  والثقافية والاجتماعية وأحياناً كثيرة السياسية.

الرياضة حياة وهذا الشعار ينطبق حالياً على كل شعوب المنطقة العربية بعد رياضة الموت التي جلبها ما يسمى بالربيع العربي وطبعاً الحديث يطول هنا، لكن اليوم سنركز على الموضوع السوري والرياضة السورية التي أبهرت العالم بتحقيق الفوز تلو الآخر وبعزيمة قوية جداً لا توحي بأن سورية دولة تعاني من حرب إرهابية شعواء عليها تستمر منذ قرابة سبع سنوات لحق دمارها كل مناحي الحياة السورية بما فيها الرياضة، لكن أداء الفريق السوري “نسور قاسيون”  المتميز خصوصا في تصفيات كأس العالم الماضية 2018  شد أنظار العالم كله إليه، والأكثر من ذلك أن الشعب السوري بكل أطيافه وطبقاته وفي كل مكان ظهر وهو يقيم الأفراح والأهازيج في كل مكان وتحت قصف المدافع وأزيز الرصاص بكل حيوية وتفاؤل وفرح وكأن الحرب  لم تكن موجودة، والصورة التي ظهر فيها الشعب السوري في داخل البلاد وخارجها كانت كافية بأن تقول للعالم كله بأن هذا الشعب لا يمكن أن ينال منه اليأس والقنوط ولا يمكن أن يتخلى عن التمسك بالحياة وإيمانه بالنصر بالرغم من كل القتل والدمار والحصار الذي عاشه طيلة السنوات الماضية.

نعم الرياضة أظهرت وحدة الشعب السوري وحبه للحياة، وبينت كم كان هناك من كذب وافتراء على أن هذا الشعب يعاني من حرب أهلية نشرت عنها أخبار لم ينزل الله بها من سلطان، خرج الشعب السوري في كل مكان وهو يحمل علمه الوطني ولم يظهر على مدى ساحات الوطن وخارجه من هو من هذه الطائفة أو تلك، ولم يظهر أي تمزق أن نقطة خارج ألوان الطيف السوري النقي نقاء شعبه الطيب، لم يظهر أي عيب مهما تحدث عنه تجار الدم والقلم والكلمة في لوحة الفسيفساء السورية التي عاش ومازال يعيش فيها الشعب السوري بمحبة ووئام وحسن الجوار والمحبة، كانت الرياضة في هذه المرحلة المرآة الحقيقة التي عكست كذب ورياء الكثيرين عن حقيقة ما جرى في سورية وشوهوا صورة الشعب الذي واجه أعتى آلات القتل والحرب والدمار.

ان عودة الالق الى الملاعب والصالات من جديد وعودة الجمهور بهذه الاعداد الكبيرة يوحي بان الرياضة قادرة على لملمة جروح واحزان السوريين مجددا وبث الدفئ بين اوصال الشعب المنهك من الحرب الضروس والدولة تعي ذلك جيدا وكانت وراء حملة كبيرة اعلاميا لمنتخب سوريا في كاس اسيا الاخيرة لادخال الفرح والحب لبيوت السوريين الا ان المنتخب لم يكن بحجم الامال التي وضعت عليه ولكن القادم اجمل والرياضة ستحقق ما عجزت عنه السياسة وسيلتقي ابناء دمشق وحمص وحماة وحلب ودرعا والسويداء واللاذقية وادلب وغيرهم مجددا لتعود ابتسامة الشام واهل الشام التي نراهن عليها دوما .

مقالات ذات الصلة

اترك رد