#كومستير… شرفنا المحصور تحت “التنانير” – شادن صالح – الأردن

0 722

العالم الآن – ينتابني شعور بالغضب والقهر والاستغراب أيضاً حيال الانحطاط والتخلف الذي وصلنا إليه في القرن الحادي والعشرين والذي يتجلى في قائمة “جرائم الشرف”، مجرد الربط بين أسمى القيم الأنسانية التي يجب أن يتحلى بها الذكر والأنثى على السواء وهي الشرف مع أكثر فعل لا أخلاقي ولا ديني ولا إنساني  وهو القتل والإجرام … كيف نطلق هذا الفعل المشين للشرف بغية خلق المبررات وتصوير من يرتكبونها كأبطال  في تناقض صارخ بين الإثنين… ارتكاب فجائع وفظائع تحت بند ” جرائم شرف ” ما هو الا هدم المنظومة القانونية في اي مجتمع لإنصاف المرأة واستباحة لدمها…
الملفت والواضح أن كل جرائم الشرف وغسل العار لا تمارس إلا على النساء بسبب فعل – بالنسبة للمجتمع- لا أخلاقي ومنافي للقيم المجتمعية والدينية وفي أغلب هذه الجرائم يكون بداعي وهم ومحرد ظنون.. وكأن الشرف مرتبط فقط بالأنثى في الوقت الذي يقوم الرجل في مجتمعاتنا بنفس هذه الأفعال وغالباً ما تكون أفعال الرجل أفظع وأقذر ولا تمت للأخلاق والدين بأي صلة ومع ذلك لا يوجه إليه حتى اللوم على ذلك ويبقى في عين المجتمع شريفاً ……

لماذا يرتكب الرجل كل الأفعال المشينة ومع ذلك فهو لا يجلب العار للعائلة والمجتمع؟! ولماذا لا يدان بأي فعل يمس القيم الأخلاقية؟! ولماذا حين يرتكب جريمة بحق إبنته أو أخته يفلت من العقاب بأحكام مخففة ؟ هل كلمة عار مرتبطة بالأنثى فقط؟ هل خلق الرجل بلا شرف ليحاسب عليه إن فرط به؟!
ما يجعل الأمر أكثر استفزازاً أن الكثير من هذه الجرائم بل أغلبها تنفذ بناء على شكوك وظنون ببعض الأفعال المشينة لتكشف كل القحوصات والأدلة أن الضحية لم ترتكب أي خطيئة وأنها بريئة من أسباب قتلها…
المرعب في عدد الضحايا من النساء سنوياً بسبب جرائم الشرف حيث كانت صحيفة «الإندبندنت» قد نشرت تحقيقا مطولا حول جرائم الشرف منذ نحو 9 سنوات، استمر إعداده 10 أشهر في كل من مصر، والأردن، وباكستان، وغزة، والضفة الغربية، وتضمن حقائق وتفاصيل مرعبة عن عدد النساء اللواتي يتم قتلهن بطرق وحشية بحجة الحفاظ على الشرف. وكشف أن عدد النساء اللواتي يتعرضن للقتل في مثل هذه الجرائم يبلغ 20 ألف امرأة سنويا في العالم. ولفت إلى أن معظم هذه الجرائم تقع في إيران، وتركيا، والعراق.

للأسف أغلب خطابات الوعظ تصب في التحذير من غواية النساء وتوجه للرجل بشكل خاص وكأنه خطاب ملئ بالتنمر على الرجال وأن من يسمح لابنته او اخته او زوجته بالظهور في صورة او فيديو فهو ” ديوث” وبلا شرف وليس لديه من الرجولة ما يكفي لحماية شرفه وعرضه…
خطاب مرعب يقوم على التحقير والانتقاص من الرجل الذي يعطي مساحة صغيرة من الحرية لنساءه ومن شأنه يخلق صراعاً مع نفسه أمام المجتمع الذي يصور له هذه المساحة الصغيرة من الحرية مصدر عار للرجل وبالتالي عدم التصريح بالانفتاح الكامل على حقوق المرأة أمام الجميع حتى لا يصنف بالعار والدياثة…

الكثير من الرجال العرب عزابا ومتزوجين يبحثون عن المتعة الجنسية المحرّمة ويمارسونها ليلا نهارا! وبائعات الهوى يعرضن أجسادهن للبيع في النوادي الليلية والبارات، ويقمن بتقديم هذه المتعة للكثير الكثير من ” الذكور”  العرب، ناهيك عن إصابة بعضهم بأمراض جنسية خطيرة منها الايدز وينقلونها إلى نسائهم! ألا يعتبر هذا الزنى تلوث لشرفهم وشرف عوائلهم؟ أيحق لأحد يقوم بتدنيس شرفه أن يقتل آخر بحجة الدفاع عن الشرف ؟! وأين هو الشرف الذي يقتلون النساء من أجله؟ أم أنه موجود “تحت تنانير النساء” فقط كما قال نزار قباني؟! وأليس احتلال أوطاننا وتدنيس مقدساتنا، وكذبنا ونفاقنا وقبولنا بالذل، واستسلامنا للطغيان والطغاة مخل بشرفنا وكرامتنا؟

التقارير تفيد أن هذه الجرائم في ارتفاع مستمر في معظم الدول العربية، وإن معظم الفتيات اللواتي قتلن كنّ بريئات ولم يفقدن ” شرفهنّ ” كما أثبتت تقارير الأطباء الذين قاموا بفحصهن بعد قتلهن، ودفعن حياتهن ثمنا لجهلنا وتخلّفنا وعدم قدرتنا على التفكير المنطقي العقلاني في حلّ مشاكلنا، وبسبب قوانيننا المجحفة التي تمكّن القضاة من اصدار أحكام مخفّفة، وتشجع بذلك الجهلة المخدوعين على ارتكابها. ولهذا فإننا بحاجة إلى إصلاحات قانونية تعتبر هذه الجرائم كغيرها من جرائم القتل، وتعاقب مرتكبيها كما تعاقب مرتكبي جرائم القتل الأخرى،
إننا أمّة ضحلة الثقافة تعيش على ” القال والقيل “، وتنتشر في قراها ومدنها الشائعات المسيئة للنساء البريئات بسرعة، ويقتلن بسبب أكاذيب لا تقبلها إلا ” عقولنا المصديه ” المريضة ومجتمعاتنا المتخلّفة!!

لا زال الكثير من “إسراء” في مجتمعاتنا اللواني سيدفعن  ثمن أمراضنا وتخلفنا وثقافتنا “المسوسة” ….

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد