مطلوب ثورة تشريعية لمناهضة التمييز بحق المرأة العربية بقلم / سارة السهيل

0 243

 

 

العالم الآن – حققت المرأة العربية تقدما كبيرا في حقوقهاالخاصة بالتعليم والتمثيل  النيابي خاصة عنطريق نظام الكوتة ، مرورا بزيادة نسبتعليمها ومشاركتها في بناء المجتمع ،ولكنتظل سلطة اصدار القرار بيد الرجال بسببخلو التشريعات الوطنية العربية من المساواةبين الرجل  والمرأة رغم تصديق بعضها عليالاتفاقيات الدولية  الخاصة بعدم التمييز ضدالمرأة.

ورغم محاولة الدول العربية تقليص عملياتتهميش دور المرأة في المجتمع  عن طريق فتحنافذة لها للعمل السياسي عبر نظام الكوتةلتعويض قصور الثقافة الاجتماعية في منحالمرأة الثقة في العمل السياسي و العمل العام ، الا انني أري ان نظام الكوتة ينتقص منقدرات المرأة ،والأولي ان يتم تدريب المرأة عليالعمل السياسي والاجتماعي من خلالالندوات وورش العمل ومراكز اعداد القادة ثم بعد ذلك اطلاقها للمنافسة الشريفة في سوقالعمل السياسي  عبر انتخابات حقيقية  معبذل الجهد الاعلامي والثقافي لتغيير المفاهيمالاجتماعية المغلوطة بحق المرأة  وقدراتها وحقها في المشاركة السياسية وصنع القرار .

فتقليص دور المرأة في صنع القرار أدى الىعدم قدرتها على تغيير التشريعات التمييزيةبحقها ، ناهيك عن تأثير النشأة الاجتماعيةوالموروثات الثقافية التي لا تزال تنظر إلىالعنف  بحق المرأة كجزء من واجبات الرجلوحقه .

الواقع العربي

قانون الأسرة في مصر  يحمل العديد منمظاهر التمييز ضد المرأة بالنسبة للزواجوالطلاق وحضانة الأطفال، يمتلك الرجل المزيدمن الحقوق التي تتيح له الحصول علىحضانة الأطفال حتى إذا تزوج مرة أخرى،بينما تفقد المرأة  طفلها اذا تزوجت برجل أخر.

ومع تمتع النساء بالبحرين بعدد من الحقوق ،مثل حق المرأة في الانتخاب والترشح ،لكنها لاتستطيع إعطاء جنسيتها لأبنائها ، و لاتستطيع استخراج الكثير من الوثائق سواءلها أو لأبنائها إلا بحضور ولي ذكر من الدرجةالأولى من القرابة.

بينما تطغى العادات والتقاليد  على القوانينوالتشريعات في سوريا ، فرغم ان القانونيمنح المرأة حق الحضانة، فان العاداتوالتقاليد تمنعها من التمتع بهذه الحقوق،حيث تحرم المرأة أيضا من حقها في الإرث .

 

أما  مواد القانون العراقي  فتحرّض على قتلالنساء ومنها المادة 409 من قانون العقوباتالعراقي تحت مسمى غسل العار، حيث يصدرالقانون العراقي أحكاما مخففة على الرجالالذين يقتلون زوجاتهم أو بناتهم تحت هذهالذريعة. بينما يماطل في اصدار تشريع قانونالحماية من العنف الأسري.

مأساة اليمنيات

ويحمل قانون الجرائم والعقوبات اليمني كثيرا من التمييز بحق المرأة ،حيث يمنحالزوج حق دون غيره من الأقارب بتأديب الزوجة ، استناداً للمادة (26) من هذا القانون ووفقاًلبعض التفسيرات الفقهية لإباحة الأفعال التيتقع استعمالاً للحق ومنها  قوله تعالى : ” واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهنفي المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوعليهن سبيلا .. ” ، متجاهلا وجود تأويلاتعديدة أكثر من سبعة عشر معنى لكلمة الضربالتي وردت في النصوص القرآنية .

وفيما يخص جرائم الشرف في القانونالجنائي اليمني ،توضح نص المادة (232) على تخفيف عقوبة الزوج الذي يرتكب جريمةقتل زوجته هي ومن يزني بها حال تلبسهابالزنا أو يعتدي عليهما اعتداء يفضي إلىموت أو عاهة ، وتخفف عقوبة الرجل إلىالحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة بدلاًمن الإعدام قصاصاً ، ويسري الحكم ذاته علىمن فاجأ إحدى أصوله أو فروعه متلبسةبجريمة الزنا  ،في تجاهل تام للشروط الشرعيةلحالات التلبس بالزنا.

بينما الزوجة التي قتلت زوجها بعد ضبطهمتلبساً بجريمة الزنا ،يعاقبها المشرع اليمنيبالاعدام قصاصا دون تخفيف للحكم ،وهومايؤكد ان النص  القانوني تمييزي بامتياز بحقالمرأة ولا يساوي في العقوبة بحق الجريمةالواحدة ،ويتجاوز احكام الشريعة الاسلاميةوالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها اليمن ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكالالتمييز ضد المرأة.

هذا الواقع المرير يؤكد وجود حاجة ماسة الىتعديل هذه المادة بما يتلاءم مع احترام مبدأالمساواة بين الجنسين ، لاسيما وأن هذه المادةوالتي تتعارض تماماً مع أحكام الشريعةالإسلامية تفوق آثارها المترتبة كل الأثارالسلبية التي ترتبها القوانين التمييزية .

ومعظم النساء العربيات يعشن هذه  المعاناة،ويدفعن ضريبة التمييز ضدهن في قوانينالعقوبات والجنسية والأحوال الشخصية،التي تتشابه كثيرا من نصوصها في  اوطانناالعربية ، ففي العراق بموجب المادة 409 منقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969،خفف عقوبة الرجل، الذي يقتل زوجته أو إحدىمحارمه متلبسة بجريمة شرف إلى 3 سنواتكحد أقصى، ولا يمنح القانون المرأة نفس العذرالمخفف إذا تفاجأت بزوجها في نفس الوضع.

وبنفس سيف القانون التمييزي  ،  تنصقوانين العقوبات في كل من مصر، واليمن،وسوريا، والصومال، وقطر كذلك على تخفيفعقوبة الرجل الذي يقتل زوجته متلبسة بجريمةالزنى إلى الغرامة أو السجن لمدد من سنة إلى10 سنوات، وتوسع كل من العراق وليبياوفلسطين النص ليشمل قتل المحارم أو الأقاربمن النساء.

 

ويرجع الإبقاء على هذه القوانين  الى سيطرةالفكر الذكوري والثقافة المجتمعية التي تدعممعاقبة المرأة عقوبة مضاعفة على نفسالجريمة.

وتنص قوانين العقوبات في مصر، وفلسطين،والأردن، وسوريا على معاقبة الزوجة التيترتكب جريمة الزنى بمدد تتراوح من 3 أشهرإلى عامين ومعاقبة الرجل لنفس الجريمةبالحبس من شهر إلى عام باختلاف البلدان،وبشرط وقوع الزنى في منزل الزوجية فيحالة الزوج.

في حين  أن الشريعة الاسلامية نفسها  لمتفرق في الحدود بين الرجل والمرأة، الزنى، هومائة جلدة للرجل أو للمرأة وكذلك الحال في حدبقية الحدود.

القانون والثقافة

لاشك ان تعديل العقوبات في دولنا العربية بمايحقق المساواة بين الرجل والمرأة يتطلب بذلأقصى الجهود الو تغيير ثقافي في المجتمعمن شأنه ان يعمل تغيير  البيئة التشريعيةالحالية،

فلا تزال قوانين العقوبات في العراق، وليبيا،والبحرين، والكويت تنص على إفلات المغتصبمن العقاب في حال زواجه من ضحيته، فيماتنص قوانين العراق، والجزائر، وموريتانياعلى سقوط عقوبة الخاطف إذا تزوج منالضحية.

والواقع المرير يؤكد ان المرأة العربية تعدمواطن درجة ثانية من حيث الجنسية ، وترجمذلك قوانين الجنسية في أغلب البلدان العربية التي على حق الرجل في منح جنسيته لأبنائهتلقائيا، وتحرم بلدان أخرى المرأة من نفسالحق بشكل مطلق، مثل لبنان، وقطر، في حينتستثني بلدان من ذلك من ولد لأب مجهولالجنسية أو لا جنسية له، مثل الأردنوالسعودية وعمان والبحرين وسوريا والكويتوموريتانيا.

وقد جاهدت المرأة العربية في سبيل تعديلتشريعي يحقق لها المساواة، ونجحت حملاتمثلجنسيتي كرامتيفي لبنان وأميأردنية وجنسيتها حق ليفي الأردنوجنسيتي حق لي ولأبنائيفي البحرينفي انتزاع بعض الحقوق، مثل حق العملوالعلاج المجاني واستخراج رخصة قيادةوغيره، ولكنها لم تضمن للقائمين عليها حقوقالمواطنة الكاملة.

وبداية من التسعينيات، عدلت دول قوانينالجنسية بما يسمح للمرأة بمنح جنسيتهالأبنائها مثل مصر وتونس والمغرب.

وتبقى قوانين الاحوال الشخصية في الدولالعربية أكثر اجحافا بحقوق المرأة لانها تتعاملمعها بمنطق انها لا تصلح للولاية ، ويترجمذلك فشل المرأة في الحصول على حكم بالطلاقمن المحاكم للضرر وبعد فشلها في اثبات وقعالضرر ، فلا يبقى لها من حل سوى رفع دعوةخلع تتنازل بموجبه عن جميع حقوقها .

فقوانين الأحوال الشخصية في مصر،وفلسطين، والأردن، والسعودية، واليمن،والصومال، وقطر، وعمان، وجيبوتي،والبحرين، وموريتانيا، وجزر القُمُر، والإمارات ،تنص على حق الرجل في تطليق زوجته منجانب واحد أو دون إبداء أسباب، في حين أنعلى المرأة إثبات تعرضها للضرر الجسيملتحصل على حكم بالطلاق.

ونصوص هذه القوانين تكبل حرية المرأة فيإبرام عقد الزواج بنفسها، وتمنح الرجل الحقفي الطلاق ولو تعسفيا، بجانب كونه الوليالقانوني الوحيد على الأبناء فللأب وحده حقالولاية على الابناء  في لبنان، والعراق،والأردن، وعمان، وجيبوتي، والبحرين،وفلسطين، واليمن، وقطر، والسودان، والجزائر،والإمارات، والمغرب، وموريتانيا ؛ مما يمنعالمطلقة من إصدار هويات أو جوازات سفرلأولادها أو اتخاذ قرارات بخصوص تعليمهم.

الواقع الاردني

حقق الأردن تقدماً في مجال الإصلاحالتشريعي بحقوق النساء وتعزيزحقوقهن،لكنه لا يزال بحاجة الى الكثير منالإصلاحات التشريعية لإزالة كافة أشكالالتمييز ضد النساء، فقد أقر الأردن قانونالضمان الاجتماعي (2014)، ونظام تسليفالنفقة (2015)، ونظام الخدمة المدنية (2013)،والقانون الجديد للحماية من العنف الأسري(2017)، ونظام دور إيواء النساء المعرضاتللخطر (2016)، ونظام العمل المرن (2017) فيالقطاعين العام والخاص، وخطة تحفيز النموالاقتصادي (2018-2022)، وتعديلات قانونالعقوبات (2017) حيث ألغيت المادة التي تتيحللمغتصب الزواج من ضحيته والإفلات منالعقاب (المادة 308)، كما منع إستخدام العذرالمخفف بحق مرتكبي الجرائم بذريعةالشرف” (المادة 98)، وعزز الحماية الجزائية لذواتالإعاقة، وأقر تعليمات جديدة لمنح الإذن فيالزواج للفئة العمرية 15-18 عاماً.

اصلاحات ضرورية

وتبقي الاصلاحات التشريعية ضروريةلتحقيق المساواة لمعالجة اوضاع المرأة فيسوق العمل الذي يشهد انخفاضا في نسبمشاركة المرأة خاصة في الاردن والناتج بشكلكبير الى التقاليد الاجتماعية التي تحصر عملالمرأة في اعمال تقليدية .

كما ان المرأة في الأرياف اكثر تعرضا  لضياعحقوقها الانسانية ، حيث يتم تزويجها دونمشورتها بجانب تزويجها في  سن مبكر، كماتحرم من حقها في  الإرث عبر تحايل الاهلعلى القانون ،وهوما يستوجب زيادةجرعاتحملات التوعية الثقافية للمرأة بحقوقهاوتغييرالمفاهيم الاجتاعية لعادات وتقاليد تحكمالرجل في مقدرات المرأة .

لاشك ان  الإصلاحات التشريعية باتت اكثرالحاحا لتحقيق مساواة المرأة بالرجل فيالحقوق والواجبات ،وفي مقدمتها قانونالأحوال الشخصية وقانون العمل وقانونالضمان الاجتماعي وقانون المحكمةالدستورية وقانون العقوبات وقانون الصحةالعامة وقانون التقاعد المدني ونظام الخدمةالمدنية وقانون منع الجرائم، وقانون منعالإتجار بالبشر.

 

الحركة النسوية بالاردن قدمت مشروعاتللاصلاحات التشريعية لمكافحة التمييز ضدالمرأة بحيث ينص عليها في الدستور، لكن لميتم الاستجابة لها  ، فلا يزال المشرع الاردنيرافضا للاقرار بالمساواة  التي يمكن أن تستفيدمنها المرأة في العمل وفي الضمان الاجتماعيً،وكذلك قانون الأحوال الشخصية بحاجة الىمراجعة دون المساس بالشرع ،مثل قضيةالنفقة  التي يجب ان تتحصل عليها المرأةالنفقة من خزينة الدولة، ثم يجري تحصيلهافي ما بعد. وكذلك المرأة بحاجة الي تشريعاتمنصفة ،ولعلي اتفق مع مقترحات بعضالاردنيات بضرورة ان تكون المرأة الكفء جزءامن نسيج المحكمة الدستورية حتى يتاح للمرأةفرصة اجراء الاصلاحاتالتشريعيةوالدستورية .

رابط مختصر:
مقالات ذات الصلة

اترك رد